ويل للعرب من شر قد اقترب…حميم عاشور

ويل للعرب من شر قد اقترب…حميم عاشور

29 سبتمبر، 21:15

الدول العربية التي نالت استقلالها بعد جلاء الاستعمار الغربي في خمسينات القرن الماضي كانت تعتقد بأنها باتت محصنة من أي احتلال أجنبي جديد في ظل النظام العالمي الذي أوجدته الأمم المتحدة عقب الحرب العالمية الثانية عبر آلية فض النزاعات والعقوبات الأممية غير أن النظام الجديد لم يكن ليوفر الحماية للشعوب المستضعفة خاصة العربية منها والإسلامية في مواجهة قوى عظمى تتمتع بحق الفيتو خاصة الولايات المتحدة الأمريكية التي لا ترى حرجا في خرق القانون الدولي وممارسة العربدة بعيدا عن حدودها بحجة الدفاع عن مصالحها ( قامت باحتلال كل من أفغانستان والعراق).

واقعيا كل الدول التي لا تمتلك مقومات أمنها القومي يمكن احتلالها بسهولة كبيرة خاصة العربية فلا دولة منهم نجحت في بناء منظومة أمن قومي متكاملة في كل أبعادها تغنيها عن طلب الحماية الأجنبية أو في الحد الأدنى إقامة منظومة دفاعية مشتركة مع دول أخرى شقيقة على غرار الناتو الأطلسي لكن ما نلاحظه للأسف أن لا دولة منهم مستعدة للدفاع عن بقية الدول ولكم في غزة ولبنان وسوريا والعراق واليمن وليبيا والسودان عبرة حتى أن ميثاق الجامعة العربية الذي ينص صراحة على بند الدفاع المشترك لم يفعل ولو لمرة واحدة بل أغرب من ذلك فالسلاح العربي لم يوجه سوى للعرب في حروب أهلية.

فقوة العرب الوحيدة تكمن في وحدتهم من خلال التكامل فيما بينهم بالمال والعقول والساعد سيكون بالإمكان بناء منظومة أمن قومي عربي مشتركة تسخر فيها كل الطاقات لإرساء اقتصاد عربي متضامن يحقق الرفاه والعيش الكريم للمواطن العربي اين ما كان فبناء الانسان العربي هي أولى مقومات بناء دعائم الأمن القومي العربي فهو بمثابة حائط الصد الأول لكل المؤامرات التي تستهدف العرب في وجودهم من ثم يتم تركيز صناعة عسكرية عربية صرفة بدل انفاق تريليونات الدولارات على سلاح أمريكي يرهن سيادة قرارك السياسي ويكبل يدك وهذا ما يحدث بالفعل هذه الأيام حيث يقف النظام الرسمي العربي عاجزا عن الدفاع عن شعب فلسطين الذي يباد تحت أنظار العالم فقط لأن العرب اختاروا المظلة الأمريكية لحمايتهم وهي نفس المظلة التي تحمي إسرائيل.

فالسلاح الأمريكي لا يمكن أن يوجه تقنيا إلى الكيان الصهيوني لأن الأمريكان يتحكمون في شفراته ويتحكمون في قطع الغيار والصيانة والتدريب ما لم تتغير استراتيجية الأمن القومي العربي بالتخلي عن المظلة الأمريكية كما تحاول أن تفعل أوروبا اليوم التي اكتشفت مؤخرا بعد مجيء ترامب وتغير السياسة الأمريكية تجاه روسيا أن الحليف الأمريكي لم يعد موثوقا به لذلك أعلنت معظم الدول الأوروبية عن اجراءات عاجلة وأهمها زيادة حجم الانفاق العسكري والشروع في بناء مخازن للسلاح بتمويل أوروبي مشترك تحسبا لكل طارئ.

لو كان هذا حال الأوروبيين مع الأمريكان الذين لم تشفع جيناتهم الأوروبية لتنظر لهم بعين الرحمة فهل سيكون العرب أفضل حالا منهم لو قرر يوما ساكن البيت الأبيض أن يرفع تكلفة الوجود الأمريكي في المنطقة العربية بآلاف المليارات من الدولارات في عملية ابتزاز مفضوحة فسيدفع العرب صاغرين لكن أبدا لن يضمن ذلك أمنهم فلو كان المتحرش إسرائيليا وأراد قضم بعض أبار النفط التي بحوزتهم هل يملك العرب القدرة على حماية ثرواتهم النفطية الأكيد لا أمريكا نفسها قد تقرر في يوم من الأيام الاستيلاء على حقول النفط الخليجية ولا أحد سيعترض.

هذا السيناريو المرعب لوحده من المفروض أن يدفع عرب الخليج الأغنياء قبل غيرهم إلى تبني سياسة أمن قومي عربي مشتركة تعتمد على العرب دون سواهم فبإمكان العرب صناعة سلاحهم بأنفسهم كما فعل العراق من قبل و إيران وتركيا وباكستان و فصائل المقاومة كل هؤلاء تيقنوا بأن لا سبيل للحفاظ على سيادتك وإجبار أعدائك على التراجع أمامك إلا بامتلاك أسباب القوة ما لم يفعل العرب كل هذا قد نكون على موعد جديد مع حقبة استعمارية جديدة خاصة مع صعود اليمين المتطرف في الغرب وهو المعروف بعدائه التاريخي للعرب والمسلمين وكل الشعوب الأخرى المستضعفة يبدو أننا اليوم اقتربنا من تحقق مقولة ” ويل للعرب من شر قد اقترب”.

مواضيع ذات صلة