اخترت لكم …التسامح…نجيبة المعالج دربال
رمضان شهر العبادات والصدقات والتقوى ومضاعفة الحسنات وتحلى المرء فيه بمكارم الاخلاق .
ودرة السجايا الحميدة هي التسامح الذي يعد شعاع الخير الذي ينير السبيل فنعفو ونصفح ونتسامح ونرسم البسمة والإشراق على الوجوه في سائر الاْيام وخاصة في شهر تتضاعف فيه الحسنات شهر رمضان المعظم .
قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : (ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق وأن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة) رواه اْبو داود . ومن حسن الخلق والأخلاق “التسامح” فهو من مكارم الأخلاق وهو من الصّفات المحبوبة عند الله ورسوله صلوات الله عليه وسلامه
فالتسامح خلق بنّاءٌ يُرسي قواعد الوحدة ويشيّد شوامخ القوة، ويرفع شارات الكرامة والعزة، ولا عجب في أن كظم الغيظ عنوان الإيمان، وأن العفو ثمرة الجهاد وأن الصفح والتسامح رسول الأمان والسلام. وهكذا كان خلق رسول الله وخلق صحابته الكرام. وفي هذه القصة دليل وبرهان.
غضب كعب بن زهير بن اْبي سلمى على بجير أخيه حين أسلم وآمن بالرّسول صلّى الله عليه وسلّم وكتب إليه يلُومه فأعلم بُجيرٌ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: من لقي منكم كعب بن زهير فليقتله. فكتب إليه يُخبره أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أهدر دمه. فإن كان لك في نفسك حاجة فصر إليه فإنه يقبل من جاءه تائبا ولا يُطالبه بما عمله قبل الإسلام.
فلما بلغ الكتاب كعبا فرّ إلى قبيلته لتُجيره فأبت عليه ذلك فأشفق على نفسه، وأرجف به أعداؤه فقدم المدينة ونزل على سيّدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فأتى به المسجد وقال: هذا رسول الله فقُم إليه واستأمنه، فسمع كلامه وقام إليه حتى جلس بين يديه فوضع يده في يده قائلا: يا رسول الله، إن كعب بن زهير قد جاء يستأمنك تائبا مسلما، فهل أنت قابل منه ذلك إن أنا جئتك به ؟ فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: نعم. قال كعب : أنا يا رسول الله كعب بن زهير ، فقال عليه الصلاة والسلام: الذي يقول ما يقول ؟ ووثب إليه رجل من الأنصار فقال : يا رسول الله دعني وعدوَّ الله أضربْ عنقه ،فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دعه عنك، فإنّه قد جاء تائبا نازعا، وأخذ كعب في إنشاد قصيدته المشهورة (بانت سعاد) يمدح فيها رسول الله ويذكر خوفه وإرجاف الوشاة به إلى أن وصل إلى قوله : ( إن الرّسول لنور يُستضاء به * مهند من سيوف الله مسلول) … (نُبّئتُ أن رسول الله أوعدني * والعفو عند رسول الله مأمول) فرمى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بردته (عباءته) الشريفة عليه وعفا عنه وسامحه .
فالتسامح يقرّب القلوب ويؤلّف بينها، ومن سامح الناس سامحه الله .
نسأل الله التوفيق للتأسي بخلُق رسوله وصحابته والسير على سنتهم والاقتداء بأعمالهم وأخلاقهم، وأن يجعلنا من المُتسامحين والعافين عن الناس والآمرين بالمعروف والمعرضين عن الجاهلين حتى نكون ممن يحبهم الله ويغفر لهم ويدخلهم جناته يا ربّ العالمين ( قصّة إسلام كعب بن زهير تذكرها كتب التاريخ، وقد جاءت في سيرة ابن هشام ورواها الحافظ البيهقي في (دلائل النبوّة) .
اللهم اجعلنا متسامحين و لاتجعل فى قلوبنا غلا ولا حقدا ولا كرها لأحد يا ارحم الراحمين وإملأ قلوبنا رحمة وصفاء وإغفر لنا وأعف عنا ياكريم . و إلى اختيار جديد
اْعطر تحيات نجيبة المعالج دربال .