إذاعة الديوان : تنكرت للصفاقسية ولكل من ساهم في إشعاعها. ..أسامة بن رقيقة
تمكنت إذاعة الديوان في بداية بثها (1أكتوبر 2015) من شد إنتباه المستمعين وأصبحت الإذاعة الأولى في مدينة صفاقس ، وتفوقت على الإعلام العمومي ، بل وأصبحت مصدرا معتمدا من قبل وكالات الأنباء العالمية. هذا التميز في نقل الخبر كان بفضل مجهودات ثلة من الصحفيين الشبان الذين صنعوا الحدث وكانوا في مستوى تطلعات المستمعين.
صحفيين وتقنيبن رابطوا الأيام الطوال من أجل الحصول على رخصة البث ، إنطلقوا في البث الافتراضي عبر الانترنت منذ أفريل 2014 وبدون إنقطاع . أصدروا البيانات ، إحتجوا ، تظاهروا ، سهروا الليالي ، حتى تحصلوا على تأشيرة البث من الهيأة العليا المستقلة للإتصال السمعي البصري في 20 أفريل 2015 وإنطلق بثها الفعلى أكتوبر 2015.
الجميع في ولاية صفاقس إستبشر بهذا المولود الجديد ، حتى إعتقد الجميع أن الديوان ستكون لسان الأهالي لدى السلط المحلية والوطنية ، ومنبر من لا منبر له ، بل ناطقا رسميا بإسم جهة همشت منذ زمن طويل ولم تجد أذانا صاغية تنصت لها.
هكذا كان الإعتقاد السائد وهكذا كانت البدايات من إذاعة رفعت شعار “صوتكم” فكانت صوت الحق وصوت لكل أبناء الجهة ، حتى أن صداها إنتشر في كامل الولاية وأصبحت الديوان حديث الناس بفضل مجهودات أبنائها. إلى هنا كانت البدايات ناجحة وتمكنت الديوان بفضل مستمعي جهة صفاقس من تحقيق الشهرة واحتلال مراتب متقدمة في نسب الإستماع حسب مؤسسات سبر الآراء. غير أن الإذاعة وبعد أن إشتد عودها بفضل هؤلاء (المستمعين والصحفيين الشبان…) تنكرت لهم ، ولم تعد كما كانت ، ولم يعد صوتها يعنى بالجهة بل تحولت استوديوهاتها إلى العاصمة ، واستقبطبت “القوالب الجاهزة” ومقدمي “البوز والإثارة ” وإستولت على برامج من إذاعات منافسة ولم يعد ينقصها سوى الاستيلاء على مقراتها بل وربما الاستحواذ على شعاراتها. وهذا ليس بغريب من إذاعة تنكرت للصفاقسية ومن مد لها يد العون عندما كانت في أمس الحاجة إليها ، وإرتمت في أحضان لوبى المال والأعمال. والغريب في الأمر أن من إنتدبتهم إذاعة الديوان خلال هذا “المركاتو الإذاعي الصيفي” لا يتميزون عن أبناء الديوان “الأصليين” في شيء ، زادهم الوحيد البحث عن الإثارة وإستقدام الضيوف “من سلة المهملات” والنزول بالذوق العام إلى أدنى المستويات. بل بالعكس الديوان “القديمة” كانت رائدة في نوعية المواضيع المطروحة و طريقة التقديم ، كانت متميزة في الحوارات السياسية والبرمجة الرياضية.
كانت تزخر بكفآت شابة تدير الحوارات بكل موضوعية بعيدا عن الإثارة والشعبوية. أما اليوم فاستقطبت من كان يعاني من مرض نفسي ومن لفظه الجمهور وحتى من إتهمها بالأمس القريب بأبشع النعوت ، على غرار أحد جهابذة التحليل الذي قال بالأمس القريب أن الديوان إذاعة زرقاء تتبع حركة النهضة ولها تمويلات مشبوهة ، اليوم نجده يؤثث أركان أحد البرامج الإذاعية وكأن شيئا لم يكن .
ما يحصل في إذاعة الديوان يجعلنا نطرح أكثر من تسائل عن واقع حرية التعبير في تونس التى أصبحت مهددة من رجال أعمال تتحكم كثيرا في الخط التحريري لأغلب المؤسسات الإعلامية، إما عبر ضخ الأموال أو عبر الإشهار .
أسامة بن رقيقة