إهمال الثقافة إهمالٌ للمواطَنة….علي البوكادي
تحظى الثقافة والتربية في الدول المتقدمة بمكانة مهمة رفيعة ذلك أنهما إذا ما كانت وراءهما رؤية صائبة وتخطيط محكم، قادرتان على صنع مواطنين متحضرين يعطون للبلاد مكانتها في أنفسهم ويحفظون للقانون حرمته وللعمل حقه وهي عوامل نفتقدها في تونس رغم أنها تساهم بشكل كبير في التنمية وتحسين كيفية الحياة ما يبعث السعادة في المجتمع ويحقق سيادة الدولة. فالمتابع للشأن الثقافي في بلادنا يلاحظ اهتراء البنى التحتية لعديد المؤسسات والهياكل العمومية مع نقص فادح في التجهيزات وشح في التمويل إضافة الى عجز في الموارد البشرية ما يدفع إطارات الوزارة في دور الثقافة ومراكز الفنون الدرامية والركحية الى التشمير عن سواعدهم والتسلح بالمكانس لتنظيف مراكز عملهم ولئن كنا نجل ونحترم سلك العملة في كل الوزارات فإن عملا من هذا النوع عندما يقوم به الاطارات والمسؤولون فإنه يرفع من شأنهم وفي المقابل يمس بهيبة الدولة. وإذا ألقينا نظرة على المهرجانات فسنجد سوقا ودلالا لجمعيات هدفها الربح المالي على حساب جودة العروض ومهمة الرفع من الذوق العام وتشجيع الانتاج الفني الوطني من مسرح وموسيقى وسينما وفنون تشكيلية وهذا يدفعنا لنطالب وبإلحاح بجعل الإصلاح الثقافي هدفا استراتيجيًا وأولوية مطلقة لما فيه صالح البلد وذلك بـ:
1 قرار سياسي بمضاعفة ميزانية وزارة الثقافة حتى يتسنى للفائمين عليها صيانة البنى التحتية وتوفير التجهيزات الضرورية وانتداب قوى عاملة في شتى الاسلاك.
2 تكوين مجلس من أكاديميين ورجال اقتصاد ومثقفين وفنانين وإعلاميين مهمته وضع سياسة ثقافية وطنية هادفة تقطع مع التفاهة وترسم خطط النهوض بالفنون والآداب والإبداعات الرقمية للرقي بالانسان التونسي وإنتاج صورة مشرّفة لخصوصياتنا الثقافية قابلة للتسويق.
3 تشجيع الاستثمار الخاص في الثقافة والفنون ودعم الانتاج المسرحي والموسيقي والسينمائي والتشكيلي والأدبي الجاد والملتزم دعما جديا لائقا.
4 الاهتمام بالمواقع الأثرية ووضع خارطة لإنجاز الدراسات والحفريات الأركيولوجية في عشرات المواقع المهملة والاهتمام بالمتاحف التي باتت تدعو للشفقة خدمة لذاكرة بلد الثلاثة الاف سنة حضارة.
5 العناية بالمكتبات العمومية وبالقائمين عليها ووضع خطة وطنية للتشجيع على المطالعة الورقية والرقمية مساهمة في صنع العقل التونسي وبناء القدرة على التحليل والاستنتاج في ناشئتنا وشبابنا وتعزيز حس الانتماء وثقافة العمل ونشر القيم الانسانية التي نلاحظ تدهورها في بلادنا مع الأسف.
6 تكوين لجنة وطنية تشرف على المهرجانات وتضمن وجود الدولة في اختيار العروض وتنويعها ووضع الانتاج الوطني في صدارة الاختيارات
7 الإحاطة بالفنانين والمبدعين والمفكرين الذين يعانون الخصاصة والمرض والعجز وخاصة كبار السن منهم وفاقدي السند وهو حق مشروع لهم بعد أن قدموا الكثير لبلادنا.