اخترت لكم …قيمة العمل …نجيبة المعالج دربال
رمضان هو شهر الصيام و القيام والعمل الصالح نعم وهو شهر العمل يضا ، ولا يُقْبل إيمان بلا عمل ولا عمل بلا إيمان .
حديثنا اليوم اذن سنخصصه للتنويه بقيمة العمل والله جل وعلا اْمرنا بالعمل حيث قال وقوله الحق : « و قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون » سورة التوبة الاية 105 .
العمل قيمة حضارية ودينيّة في نفس الوقت وهو عامل أساسي في تماسك المجتمع وتوازنه، وليس مجرّد مصدر للرزق والعيش فقط، بل هو شرط لتحقيق كرامة الفرد وضمان مناعة المجتمع. والعمل هو وسيلة لتحقيق إنسانية الإنسان من حيث هو خليفة الله في أرضه، والأمين على المشاريع التنموية التي دعت إليها مختلف الحضارات الإنسانيّة، ولهذا كان اهتمام الإسلام بالعمل في صُلب هذا التوجه تلتقي العبادة والعمل في صعيد واحد. والنبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال : « ما أكل أحد طعاما قطُّ خيرا من أن يأكل من عمل يده » اْخرجه البخاري .
وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: « لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة حطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل النّاس أعطوه أو منعوه » اْخرجه البخاري في صحيحه.
وقال صلّى الله عليه وسلّم: « ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان إلا كان له به صدقة » رواه البخاري . وطلبُ الحلال فريضة بعد الفريضة، وقال عليه الصلاة والسلام: « إن اللّه يُحِبُّ العبد المحترف» اْوردها الطبراني والبيهقي ، ومن كدَّ على عياله كان كالمُجاهد في سبيل الله عزّ وجلّ ، وإن من الذنوب ذنوبا لا تكفّرها لا الصلاة ولا الصدقة ولا الحج، ويكفّرها الهمّ في طلب المعيشة – وإليكم هذه الصورة وفيها بيان لتقدير رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لقيمة العمل وحثّه أصحابه على الاكتساب والاجتهاد في طلب الرّزق وفيه جواز البيع بالمزايدة : عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلا من الأنصار جاء إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يسأله، فقال: ” ألك في بيتك شيء ؟ ” قال: بَلَى حِلْس، نلبَسُ بعضه ونبسُطُ بعضَه، وقدحٌ نشرب فيه الماء قال : “ائتني بهما” قال : فأتاه بهما، فأخذهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيده ثم قال : من يشتري هذين؟ ” فقال رجل: ” أنا آخذُهما بدرهم. قال : “من يزيد على درهم؟ مرتين أو ثلاثا، قال رجل : أنا آخذهما بدرهمين فأعطاهما إياه وأخذ الدرهمين، فأعطاهما الأنصاري وقال: “اشتر بأحدهما طعاما فانْبُذهُ إلى أهلك واشتر بالآخر قدُومَا فائتنِي به” ففعل. فأخذه رسُول الله صلّى الله عليه وسلّم فشّد فيه عودًا وقال: “اِذهب واحتطِب ولا أراك خمسة عشر يومًا”. فجعل يحتطب ويبيع، فجاء وقد أصاب عشرة دراهم. فقال: اشتر ببعضها طعاما وببعضها ثوبا”. ثم قال: “هذا خير لك من أن تجيء المسألةُ نُكتة في وجهك يوم القيامة. إن المسألة لا تصلح إلا لذي فقْر مُدْقع أو لذي غرام مفظعٍ أو دمٍ مُوجِعٍ” . وقال صلّى الله عليه وسلّم: «من أمْسَى كالاّ من عملِ يده أمسى مغفورًا له» ورد في كتاب الترغيب والترهيب للمنذري . فالإنسان خلق للعمل وعمارة الأرض والدنيا التي هي مزرعة الآخرة. والتفكير في الخُمول والكسل في رمضان هو من الانحراف عند الصائم لأن العمل حياة وكرامة للفرد والمجتمع، والعمل يُيسّر للفرد سبيل العيش الكريم فهو دعامة المجتمع الصالح ووسيلة الحياة الآمنة، ولهذا قدّر الرّسول صلّى الله عليه وسلّم العمل وأعلى شأنه وحذّر من الكسل والبطالة لأنها ظاهرة ركود وتدهور المجتمع.
اللّهم إنا نسألك عملا بارا ورزقا دارًّا وعيشا قارّا، واقذف في قلوبنا رجاءك، واقطع رجاءنا عن سِواك حتى لا نرجو أحدا غيرك. اللهم أعنا على ما ضعفت عنه قوتنا ولم تنته إليه رغبتنا، وخصّنا بما لم تبلغه مسألتنا وأعطنا مما أعطيت للأولين والآخرين من الجهد ذا اليقين، ووفقنا فيما نقول ونعمل ونبدي ونعيد إنّك سميع مُجيب
… مع اْجمل تحيات نجيبة المعالج دربال .