اذا بلغ الشيء حده انقلب الى ضده….فتحي الجموسي
من منا ينسى تلك الحقبة التي يستضاف فيها ارهابيين في الحلقات التلفزية حتى ان احد منهم احضر لنا “كفنا” ليهددنا ويتوعدنا به،
و من منا ينسى استضافة المومسات والشاذين جنسيا في عدة حلقات تلفزية حتى ان البعض اصبح لا ينطق سوى العبارات الجنسية او ما نسميه ” غشة” والبعض الآخر تجرأ على لمس ومداعبة اجزاء حساسة من جسد تلك او ذاك على مرئى ومسمع جميع المشاهدين من شيوخ وأطفال.
من منا ينسى محمود وهو يلوح حاملا قطعة زطلة في برنامج تلفزي ويصيح وينادي ” آهي الزطلة شنوة فيها” ليشجع ابناءنا على استهلاكها و تعاطيها.
ومن منا ينسى تلك الصفاقة و العبارات القذرة التي تقال في برامج بغل الشاشة مع الضيف المستدام حمة السبتي الملقب بالصافي سعيد والذي بلغت به الرذيلة حد مخاطبة احد الاعلاميين في احدى الاذاعات بعبارة ” روح … أمك” (مع المعذرة للجميع عن تدوين الكلمة).
من منا ينسى كيف كان ولا يزال الاعلام في تونس يباع ويشترى لمن يدفع اكثر من احزاب و جمعيات و رجال أعمال وحتى جهات اجنبية لتببيض هذا او لتشويه ذاك او لضرب خصم سياسي عبر “تشليك” وهتك الدولة ومؤسساتها.
لست مع قمع حرية الراي ولا مع تفعيل المرسوم 54 بسبب او بدونه ولست مع محاكمة او سجن بوغلاب أو الدهماني او غيرهم من الاعلاميين لكن ما يحصل اليوم من تضييق على الاعلام ومن محاكمات للاعلاميين هو نتيجة حتمية وطبيعية كان على هؤلاء توقعها والتحسب منها بعد فرط الانفلات والفوضى التي سادت هذا القطاع وساهمت في تخريب الحياة السياسية وتدمير المجتمع.
أملي ان يعاد تنظيم قطاع الاعلام من الاعلاميين الحقيقيين الوطنيين بما يضمن سلامة تونس وشعبها و يضمن ايضا حرية الراي والتعبير ودور الاعلام في التثقيف والتمدن.