ارحمينا يا تكنولوجيا !… سامي النيفر

عائلة متوسطة الحال، تستعمل حاسوبها القديم منذ 2007 والذي أبدا لم يخن العشرة ولكنّ وجهه الخلفي تكسّر مع الوقت بالإضافة إلى عدم قدرته على الاتصال بالانترنت بسبب نظام تشغيله القديم xp.. في البداية لم تجد من يصلحه وعندما وجدت لم يحدّدوا لها ثمنا معيّنا وقالوا إنه قد يتكلّف عليها… ولمّا بقيت معلّقة بين “المصلحين” غير الواضحين وغير الشّفّافين، نصحوها بشراء حاسوب جديد ربحا للمال والوقت.. ولكنها اصطدمت بالباعة وبالناس الذين يعقّدون الأمور عليها إذ قالوا لها هل تريدون الشاشة 15 pouces أو أقل ولدينا i3 أو i5 أو i7 و4 جيغا ونظام ويندوز 11 أو 12… لم تفهم الأسرة المسكينة شيئا إلا القليل من هذه التفاصيل… هي فقط تريد أن تكمل آخر سنوات عمرها بحاسوب يشتغل بأدنى المواصفات دون غش… ولكن أنظمة التشغيل في الحواسيب الحديثة تقوم بتحيينات عديدة وتلتهم الرصيد التهاما حتى إذا ما أبحر شخص على الانترنت 15 دق وجد أنه استهلك 1 جيغا…ورغم وضع خيار عدم اشتغال التحيينات (mises à jour) إلا أنها تتم في الخفاء في نظام التشغيل ككل وحتى في برامج معينة مثل office وغيرها… فنصحوها بأن تستغني عن مفتاح الانترنت الذي تمتلكه وتشتري ADSL أو WIFI وأخبروها أن منزلها خارج الشبكة وبدأ كل بائع يعطيها خيارات عديدة فلم تفهم شيئا واستعانت بأصدقائها فزادوها خيارات أخرى.. القديم لا يعمل والجديد لا يمكن أن يشتغل بنظام تشغيل قديم لا يلتهم الرصيد كويندوز 7 النعمة التي كنّا فيها ولم نشكر… وليس لديها إلا رصيد محدود وعروض الانترنت دوّختها ولم تفهم شيئا وكلها تفوق 400 دينار في السنة بينما هي تريد رصيدا محدودا… هي فقط تريد حاسوبا بسيطا تراسل به أقرباءها أو ترقن به نصا أو تقرأ به أخبارا… فلم كل هذه التعقيدات ؟ هل يحدث هذا لجميع الناس ؟ البعض يبني أفخم المنازل وهو نائم وآخرون يشترون سيارات فخمة ويتجوّلون بين مدن العالم ولا يتعبون مثل هذه العائلة التي أتعبتها التكنولوجيا وزاد الناس من تعقيد المهمة عليها فلا من أصلح القديم ولا من نصح بالجديد دون إغراق بتفاصيل تقنية لا يفهمها إلا أمهر المختصين في الإعلامية التي لم تكن في يوم من الأيام علما صحيحا وإنما هي “تكازة” وتخمين و”تخديم مخ” تماما كميكانيك السيارات… ولا من أفهمها أي عروض الانترنت أنسب… إنها لقصة محزنة… أن يتألم الإنسان كل هذا ويدخل حربا تدمره من أجل حويسب يؤدي له الحد الأدنى من الخدمات… وعلينا أن نعترف أن الأمر كان سهلا في السابق لأن الجديد كله تفاصيل وغموض وتعقيدات وخاصة غش.