افتتاح “مسرح الحرية” : سجناء يحرّرهم المسرح
انطلقت صباح الأحد 24 نوفمبر فعاليات قسم “مسرح الحرية” ضمن الدورة الخامسة والعشرين لأيام قرطاج المسرحية واحتضن المركز الثقافي والرياضي للشباب بالمنزه السادس أولى عروض هذه الدورة بمسرحية “الخمري” للسجن المدني بالسرس .
يشارك 100 نزيل من مختلف السجون التونسية في الدورة الحالية من خلال تقديم 12 عملا مسرحيا من انتاج نوادي المسرح في المؤسسات السجنية ومراكز الإصلاح . ودأبت أيام قرطاج المسرحية منذ سنة 2017 على تنظيم هذا القسم بالشراكة مع الهيئة العامة للسجون والإصلاح وذلك قصد تمكين نزلاء السجون من عرض أعمالهم المسرحية أمام جمهور الأيام .
وفي الافتتاح تحدث السيد منير العرقي مدير الدورة على أهمية هذا القسم الذي يتنزل في اطار حق الثقافة للجميع ويعكس الدور الذي يلعبه المسرح كأداة تأهيل وإعادة ادماج نفسي واجتماعي، مبينا أن أيام قرطاج المسرحية اضافة الى برمجة عروض مسرحية بالمركز الثقافي والرياضي للشباب بالمنزه السادس سعت الى برمجة ثلاثة عروض بالوحدات السجنية قصد تمكين المساجين من مشاهدة الأعمال المسرحية .
من جهتها ذكرت المديرة العامة لشؤون المودعين والممثلة عن رئيس الهيئة العامة للسجون والإصلاح السيدة هند التستوري أن قسم مسرح الحرية تطور من دورة الى أخرى، مشيرة الى أن نزلاء الوحدات السجنية ومراكز الاصلاح يعبرون من خلال مشاركاتهم المسرحية عن هواجسهم وتطلعاتهم وأبوا إلاّ أن تُسمع أصواتهم من وراء الأسوار وأنهم قادرون على الفعل الثقافي والإبداعي على أمل أن تفتح أمامهم أبواب للاندماج في المجتمع ليكونوا يدا للبناء والتنمية وتمحى صفحات كانت وراء ايداعهم مؤكدة على ضرورة العمل على تطوير هذا القسم والعمل على استمراريته .
وفي تصريح صحفي على هامش افتتاح الدورة الثامنة لقسم “مسرح الحرية” أكد السيد رمزي الكوكي الناطق الرسمي للهيئة العامة للسجون والإصلاح أن هذه الدورة تقترح 12 مسرحية تم اختيارها من ضمن 19 عملا، من بينها 3 عروض لنزيلات بالوحدات السجنية النسائية و3 عروض لأطفال من مراكز الاصلاح مؤكدا أن مبادرة تشريك النزلاء تعد سابقة على المستوى العربي والافريقي مبينا أن الدورة الأولى سنة 2017 سجلت مشاركة وحيدة ضمن فعاليات أيام قرطاج المسرحية في حين تسجل الوحدات السجنية اليوم حضورها بكثافة .
وبحضور اطارات من الهيئة العامة للسجون والإصلاح وعدد من عائلات المساجين قدم ستة نزلاء من السجن المدني بالسرس مسرحية “الخمري” إخراج المستشار أول أنور عوايدية والملازم أول إسماعيل العبيدي، وتطرقوا من خلالها لعدة مفاهيم منها ثنائية الحب والمقاومة من خلال شخصية “الخمري” الشاب المحب للحياة العاشق لفتاة تدعى “تبر” والمقاوم المتمرد على الاستعمار ، عمل مسرحي عكس حقيقة واحدة وهي أنه بإمكان السجين وإن اخطأ أن يعيش ويفكر ويتواصل مع الآخر ويبدع ويحقق ذاته ويعبر عن إنسانيته .
وبإمكاناتهم التقنية البسيطة تمكن نزلاء السجن المدني بالسرس من إيصال قصة مناضل ضحى بحياته من أجل الوطن، فالخمري لم يكن مجرد عاشق لتبر بل هو المقاوم ضد المستعمر والاحتلال، كما لم يخل العمل من مؤثرات صوتية عكست الموروث الفني للشمال الغربي وخاصة للكاف حيث تمت الاستعانة بعديد الأغاني التراثية التي يرددها الأهالي الى اليوم في الأعراس والمحافل .
وعبر احد النزلاء إثر العرض عن سعادته وزملائه بهذه المشاركة مؤكدا أن المسرحية كانت مناسبة لإيصال الموروث الثقافي والفني للشمال الغربي بلهجة محلية وللتعبير عن حب الوطن .
اثر العرض تولى السيد منير العرقي رفقة المديرة العامة لشؤون المودعين السيدة هند التستوري تكريم نزلاء السجن المدني بالسرس ومنحهم شهادة مشاركة .
يذكر أن اليوم الأول من قسم “مسرح الحرية” شهد كذلك عرض مسرحية “جسد” انتاج مركز اصلاح الأطفال الجانحين بسيدي الهاني .
وتتواصل فعاليات الدورة الثامنة لمسرح الحرية الى غاية يوم الخميس 28 نوفمبر بمعدل عرضين كل يوم ويشارك السجن المدني بالمهدية بمسرحية “ألطاف” والسجن المدني بالمرناقية بمسرحية “الدنيا وما فيها” ويقدم السجن المدني بأوذنة مسرحية “فيولوبيري” ، كما يقدم السجن المدني برج العامري مسرحية “ماريا” في حين يعرض مركز إصلاح الأطفال الجانحين بالمروج مسرحية ” الشيطان والضمير” ويعرض السجن المدني بقبلي مسرحية « هاشتاغ » أما سجن النساء بمنوبة فيقدم مسرحية « البنايين Game of ” ، ويعرض مركز إصلاح الأطفال الجانحين بالمغيرة مسرحية ” شكون المسؤول؟ “ويقدم السجن المدني بصفاقس مسرحية ” أطياف الوصم” .
وسيتمّ تتويج ثلاثة أعمال بجوائز تمنحها إدارة أيام قرطاج المسرحية، والهيئة العامة للسجون والإصلاح، فضلا عن تكريم مختلف المشاركين بتسليمهم شهائد مشاركة.
“مسرح الحرية” تجربة تعبر عن قدرة السجين على الإبداع فهو خلف الأسوار يخلق منفذا للحلم والحرية والأمل يتجاوز صلابة الجدران وعتمتها .
المكتب الاعلامي لايام قرطاج المسرحية