الإعلامي مصدّق الشريف يرثي جاره وصديقه الفنان عبد الرزاق ذويب

الإعلامي مصدّق الشريف يرثي جاره وصديقه الفنان عبد الرزاق ذويب

18 أكتوبر، 21:36

” تكابدني الغصة والشهقة. لا أستطيع أن أنعى جاري وابن حيي العزيز عبد الرزاق. اسمه الحقيقي دفن في طي النسيان. كنية “رزيقة” علقت به في حيّنا كله وحتى أبعد منه. بعد أن روى لنا مطاردة جدته عيشوشة له “يا رزيقة اطفي الشيشوار” خوفا من ارتفاع فاتورة الكهرباء، لم يتفق أن تقابلنا دون أن نعيد عليه بترنيمة موسيقية من إبداع جدته من الأب “يا رزيقة اطفي الشيشوار”.
لم يكن فقيدنا وحيد عائلته في الأناقة والحرص على الخروج من بيته في لباس جميل ورائحة العطر تملأ الأزقة المجاورة لدارهم. كان عبد الرزاق وإخوته لا يعرفون للكسل سبيلا أو منفدا. كانوا يعملون بجد ونشاط. يسلّون قوتهم بعرق جبينهم وكد يمينهم. اشتغلوا في البناء و برعوا فيه. تتلمذوا على يدي أبيهم وأيادي أعمامهم. حين كان شهر رمضان يهلّ علينا في “اوسوا”، وتشتدّ الهاجرة من الساعات الأولى من النهار، كانوا يبدؤون العمل مباشرة بعد الإفطار ليتواصل إلى قبيل أذان الفجر.
كم كان عبد الرزاق وإخوته حريصين على الدخول إلى قاعات السينما ولو مرة في الأسبوع. أما في أيام العيدين فترددهم عليها بلا حدّ ولا حصر. كانوا مولعين بالفن، حتى إنّ أخاهم حافظا الذي وافته المنية منذ سنوات قليلة، وعلى إعاقته الذهنية، كان يغني ويغني ويغني على عتبة حانوت أبيه أو بين دراهم والأنهج الملاصقة لها حتى تبلغ به النشوة أشدها. كان يغني دائما في سنوات عمره الأخيرة “من غير ليه” للموسقار محمد عبد الوهاب.
عبد الرزاق، ومن حومتنا البسيطة، سطع نجمه وفرض فنّه في الاذاعات الجهوية والوطنية. اقتحم برنامج نجيب الخطاب “لو سمحتم” في ثمانينات القرن الماضي ليعرّف باستحقاق ببعض مما تزخر به الأحياء الشعبية المهملة والمتروكة من كفاءات وإبداعات. ألم يتألق محمد علي عقيد وحمادي الحيلي ومنجي دلهوم وقد عطّل الظلم الكثير من أمثالهم؟
رحم الله عبد الرزاق ورزق أهله وذويه وأبناء الحي الأعزاء جميل الصبر والسلوان.”

مواضيع ذات صلة