الدراما السورية و المصرية.. الغائب الأبرز في رمضان
يحب المشاهد التونسي و العربي مشاهدة أعماله المحلية التي يفخر بها و لكنه اعتاد أيضا على مشاهدة عمل مصري أو سوري واحد على الأقل يجمع كل العرب.. إلا أن الظروف السياسية الحالكة و الصراعات المقيتة مزّقت ما تبقى من شمل هذه الأمّة فلم تعد تجتمع حتى في الخيال و الدراما.. و تلك خسارة كبرى.. لقد كبرنا على أعمال ضخمة راقية تمتعنا و تفيدنا و تبقي على أمل وحدة و نهضة ثقافية عربية.. كم اشتقنا لسوريا العظيمة و أعمال النخوة و الفروسية كالجوارح و الكواسر و الموت القادم إلى الشرق و العبابيد مع الفنانين الكبار لسعد فضة و سلوم حداد و رشيد عساف و سعد مينه (ابن الكاتب حنّا مينه)… و كم اشتقنا لكوميديا و نقد النجم الفنان دريد لحام (الذي يحتاج مقالا لوحده دون أن يوفيه ذلك حقه) و المرحوم ناجي جبر (أبو عنتر) و حسام تحسين بك.. و هل ننسى آخر عمل جمع هذا الثلاثي وهو المسلسل الرائع ” عودة غوّار ” في أواخر التسعينيات و الذي يتحدث في السياسة و الصداقة و الوفاء و الغدر و غلاء المعيشة إثر خروج غوار من السجن بعد 20 سنة بسبب خيانة تحسين ؟ و هل ننسى صفوة الدراما السورية وهي سلسلة ” المرايا ” للمبدع ياسر العظمة و ثلّة من الفنانين ؟ و في كل سنة يزداد شوق المشاهد لهذا العمل الساخر الناقد للأوضاع العربية.. و هل ننسى الأعمال المصرية الخالدة كأم كلثوم و أوبرا عايدة و للعدالة وجوه كثيرة و المسلسل الاجتماعي ” أين قلبي ” و الذي يحكي هموم كل واحد فينا مع الكاتب الرائع مجدي صابر و الذي لا ندري لماذا لم نعد نجد قصصه للأطفال في تونس وهي التي تربى عليها جيل التسعينيات ؟ و هل ننسى المرحوم نور الشريف و يحي الفخراني و يسرى و عبلة كامل و غيرهم من نجوم الدراما المصرية ؟ حسرتنا في تونس حسرتان : على أعمالنا التي كانت أفضل في التسعينيات و على الأعمال العربية الجادة المفقودة منذ عشرات السنين.. يالها من مفارقة ! هل كانت الثقافة أفضل زمن الدكتاتورية و ضعف التكنولوجيا ؟ كيف استقرّت الميوعة و الانحلال الثقافي و ضعف الأفكار و عدم احترام المشاهد بأعمال سخيفة بيننا ؟ هل نتحسر على وحدتنا العربية الهشة و ثقافتنا المقبولة في السابق رغم أننا كنا نطالب بالأفضل ؟ هل يفعل الزمن بنا كل هذا فنصبح كالمضروبين على أيدينا لا نفعل شيئا هاما ؟ هل تعود تلك الأيام و تلك الأعمال ؟ نرجو ذلك.سامي النيفر