العرض العسكري الصيني… إعلان غير معلن عن ولادة نظام عالمي جديد…اشرف المذيوب

لم يكن العرض العسكري الصيني الأخير مجرد احتفال صاخب بالمدافع والدبابات والصواريخ التي شقت السماء في مشهد مهيب، بل كان رسالة صامتة أقوى من آلاف الخطب. رسالة تقول للعالم بوضوح: زمن الهيمنة المطلقة قد ولّى، والعالم لم يعد أحادي القطب.
في لحظة بدت أشبه بمسرح للتاريخ، وقف قادة الصين وروسيا وكوريا الشمالية جنبًا إلى جنب، في مشهد يختصر معادلة جديدة تتشكل بهدوء ولكن بثبات. إنهم يعلنون للعالم أن الشرق لم يعد متفرجًا على قوانين وضعتها واشنطن وحدها، بل بات قادرًا على صياغة واقعه وبناء تحالفاته وفق مصالحه.
🔹 قوة ناعمة بلباس عسكري
لم يكن الهدف من الاستعراض فقط استعراض العضلات، بل صناعة وعي عالمي جديد: أن الصين ليست مجرد مصنع ضخم للاقتصاد العالمي، بل هي قوة عسكرية عظمى تستطيع حماية تجارتها وممراتها البحرية ومجالها الحيوي. لم يكن العرض موجّهًا ضد أحد بقدر ما كان إعلانًا عن استقلال القرار ورغبة في إعادة توزيع موازين القوى.
🔹 رسالة إلى واشنطن
الولايات المتحدة التي طالما اعتبرت نفسها “شرطي العالم” تلقت الرسالة بوضوح: لم تعد وحدها. فمن خلف صخب المدافع، تقول بكين: “نحن هنا، وسنرسم مع غيرنا ملامح المستقبل”. إنها مواجهة صامتة، لكنها أبلغ من ألف مواجهة صاخبة.
🔹 بين الأمس واليوم
قبل عقود قليلة فقط، كانت الصين تُرى بعين الغرب دولة نامية، بالكاد تلحق بركب التقدم. واليوم، تقف على منصة التاريخ لتعلن بجرأة: نحن في الصفوف الأمامية، بل نحن نعيد تشكيل النظام العالمي.
إن العرض العسكري الصيني لم يكن مجرد احتفال وطني، بل كان إعلانًا غير معلن عن ولادة نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، حيث لم يعد قرار الحرب والسلم يُصاغ من عاصمة واحدة، بل من خرائط متعددة تفرضها قوى صاعدة أدركت أن زمن الخضوع قد انتهى.