العنف داخل المؤسسات التربوية : صفاقس نموذجا.

العنف داخل المؤسسات التربوية : صفاقس نموذجا.

27 أكتوبر، 19:00

عرفت ظاهرة العنف في المدارس ازديادا غير مسبوق في السنوات الأخيرة ، حيث بات التلميذ و المدرس على حد سواء ضحية للعنف بالمؤسسات التربوية، و أصبحت هذه الممارسات تزداد حدة وخطورة يوما بعد يوم، سواء من الناحية الكمية أو من حيث نوعية الأساليب المستعملة في ممارستها.

حتى أن بعض المؤسسات أصبحت بيئة غير آمنة يشعر فيها الجميع بالخوف ، خاصة مع الإنتشار الكبير للعنف بمظاهره الثلاث ، الجسدي كالضرب و النفسي المتمثل أساسا في السخرية والتنمر والإذلال . والعنف الجنسي الذي يتدرج من الكلام البذيء والألفاظ السوقية وصولا إلى التحرش.

وهي جميعا أشكال مختلفة لنفس الظاهرة ، التى أصبحت تؤرق مضاجع المجتمع التونسي وأصبح الجميع يبحث عن أسباب هذا الإنفلات التى تعيشه المؤسسة التربوية والحلول المتبعة حتى يعود الانضباط إلى المدارس، ونقضى على العنف داخلها؟

موقع الصحفيين بصفاقس بحث عن الأسباب وغاص في ثنايا الحلول الواجب إتباعها لدحر هذا الغول الذي أصبح يهدد المنظومة التربوية ككل (المؤسسات التربوية في صفاقس نموذجا) من وجهة نظر سوسيولوجية بإعتبارها فئة مهمة يمكنها المساعدة و إماطة اللثام عن حيثيات هذه الظاهرة.

حيث أرجعت الباحثة في علم الاجتماع ألفة عمار تفشي العنف المدرسي إلى عدة أسباب، لعل أهمها التنشئة الاجتماعية و البيئة الأولى للطفل حيث تساهم في بناء شخصيته و تهيئه لعملية الاندماج داخل المجموعة.

تضيف ذات الباحثة أنه “كلما زادت وتيرة العنف يجميع أشكاله داخل النواة الاولى يزداد سلوك الطفل عنفا إذن فالعنف و التفكك الأسري و عدم الرعاية والرقابة المطلوبة و العنف اللفظي و التساهل مع العنف يجعل من الطفل غير قادر على الإندماج داخل المجتمع وبالتالي طفل عنيف داخل المدرسة و خارجها. فالتطبيع مع العنف يجعل منه وسيلة سهلة للدفاع على النفس يلتجأ إليها الطفل.أيضا يجب التأكيد على مشاهد العنف و سهولة الوصول إليها عبر البرامج التلفزية أو وسائل التواصل الاجتماعي التي تساهم بشكل كبير في تفشي العنف داخل المجتمع بصفة عامة والمدارس بصفة خاصة.كما أن التنمر يساهم بشكل كبير في ارتفاع النزعة نحو العنف. اضافة الى العنف داخل القسم الذي يسلط من قبل المعلم الذي ينعكس سلبا على التلميذ، و يساهم الولي أحياناً في ذلك عبر طلب العنف من المعلم و هذا يعكس درجة الوعي الضئيلة بمخاطر العنف التربوي. كما يساهم الاكتضاض داخل المؤسسات و الضغط الدراسي في ارتفاع نسب العنف المدرسي. نذكر أيضاً الصراع حول النتائج والضغط الناتج عنها يساهم في ارتفاع النسبة.إذن فالعنف المدرسي هو نتيجة للتنشئة الاجتماعية للطفل في مرحلة اولى، و نتيجة لسياسات خاطئة في التعليم سواءا أن كانت في المناهج الدراسية المعتمدة أو في المحيط التربوي. كما أن التمييز داخل المدرسة يعزز من وتيرة العنف بين التلاميذ”

أما عن الحلول الواجب إتباعها لدحر العنف المدرسي ، أفادت الأخصائية الإجتماعية جيهان العكرمي بأن “الحلول قد تكون في أهمية التوعية بمخاطر العنف سواء الأسري أو المدرسي و الإحاطة بالتلميذ نفسياً و إجتماعيا و مقاومة التنمر و الإقصاء داخل المدرسة و الرقابة المستمرة و التواصل بين الاطراف المشتركة و المساواة التامة و الفعلية بين التلاميذ و تفعيل النشاطات داخل المؤسسة وغرس قيم المواطنة داخل التلميذ.

كل هذه العوامل تصنع من التلميذ فردًا متوازن نفسياً قادر على التفاعل بإيجابية داخل المؤسسة وخارجها و بذلك تكون المدرسة فضاءا للتعليم و التربية السليمة.”

مهما تعددت الأسباب وتنوعت الحلول ، يبقى السؤال الجوهري ، كيف نربي أبنائنا ؟ ومن يربي أبنائنا ؟ نحن أم المدرسة أم أخرون لا نعرفهم ولايعرفوننا؟ سؤلات تتوالى بحثا عن إيجابات كافية للحد من تفشي ظاهرة العنف اللفظي  التى تفشت بين أطفالنا.

أسامة بن رقيقة.

مواضيع ذات صلة