المرصد الاجتماعي التونسي – تقرير جويلية 2025

المرصد الاجتماعي التونسي – تقرير جويلية 2025

8 أوت، 13:00

سجل المرصد خلال شهر جويلية 357 احتجاجا مقارنة ب244 احتجاجا خلال نفس الفترة من السنة الماضية. وبما يرفع عدد الاحتجاجات منذ بداية سنة 2025 الى 2387 احتجاجا
يُظهر تحليل نتائج العينة المرصودة حول الاحتجاجات خلال شهر جويلية 2025 استمرارية الفعل الاحتجاجي في نسق شبه ثابت مقارنة بالأشهر الفارطة، في سياق اجتماعي يتّسم بتزايد أشكال التهميش البنيوي وتفاقم مظاهر الإقصاء الاجتماعي والاقتصادي. وقد مثّلت مطالب التشغيل وتسوية الوضعيات المهنية حجر الزاوية في الحركات الاحتجاجية، وهو ما يعكس استمرار أزمة الاندماج في سوق الشغل وتدهور شروط العمل اللائق وعجز المبادرات التشريعية التي تم اقرارها في الاستجابة للانتظارات، إلى جانب تردي سياسات التشغيل الرسمية وضعف نجاعتها.
مطالب الشغل: تعبير عن أزمة الإدماج الاقتصادي
مثلت الاحتجاجات المرتبطة بالحق في الشغل والعمل اللائق 60,78% من جملة التحركات. تركزت أغلبها على تسوية الوضعيات الهشة، خاصة في صفوف الأساتذة والمعلمين النواب، إلى جانب مطالب الترسيم، صرف الأجور، وتفعيل الاتفاقيات المهنية السابقة. هذه الديناميكية تعبّر عن فشل في إدارة سوق الشغل ضمن إطار يضمن شروط العدالة الاجتماعية ويعترف بمكانة الفئات الشغيلة المهمشة.
الحق في الماء: من مطلب معيشي إلى مطلب وجودي
شكلت أزمة العطش محورًا مركزيًا في الاحتجاجات الاجتماعية خلال الشهر ومثلت 12,8% من جملة التحركات، حيث ارتفعت وتيرة التعبئة المجتمعية في عدد من المناطق المنسية، خصوصًا في الحوض المنجمي (الرديف)، للمطالبة بالحق في النفاذ إلى الموارد الأساسية، وعلى رأسها الماء. تتقاطع هذه التحركات مع مقاربة الحق في البيئة السليمة باعتبارها مدخلًا لتحقيق العدالة البيئية والاجتماعية، لا سيما في ظل فشل سياسات الدولة في ضمان توزيع عادل ومستدام للموارد.
السجون ومراكز الايقاف والحق في الحياة: عنف بنيوي مؤسساتي
سُجّلت خلال شهر جويلية أربع حالات وفاة مسترابة داخل مراكز الإيقاف والسجون، إضافة إلى حالة وفاة نتيجة حرمان من الحق في الصحة. وتُقرأ هذه الحوادث كأعراض لبنية عنف ممنهجة تمارسها الدولة من خلال مؤسساتها العقابية. يُشير هذا المعطى إلى تآكل الضمانات الحقوقية، ويكشف عن هشاشة منظومة العدالة الجنائية وغياب آليات فعالة للمحاسبة.
الفضاء العمومي كحقل نضالي
أغلب الحركات الاحتجاجية تجسدت في الفضاء العام (الطرقات، الساحات، محيط الوزارات)، ما يعكس استعادة المجال العمومي كفضاء للتعبير السياسي والاجتماعي، مقابل تراجع الاعتماد على الفضاء الرقمي الذي لم يمثل سوى 18% من مجمل أشكال التعبئة. ويمثل هذا التراجع مؤشراً على رغبة الفاعلين الاجتماعيين في تحقيق تأثير فعلي ومباشر من خلال تموضع مادي في المجال العمومي.
خرق السردية الرسمية حول “الهدوء الصيفي”
تم رصد 357 تحركًا احتجاجيًا خلال جويلية، بنسبة ارتفاع بلغت 45% مقارنة بنفس الشهر من سنة 2024، ما يفنّد الأطروحة السائدة حول تراجع الحركات الاحتجاجية في أشهر الصيف. وهو ما يدل على رسوخ الفعل الاحتجاجي كآلية تعبيرية مستقرة ومستمرة، غير مرتبطة بزمنية ظرفية بل بحالة هيكلية من اللاعدالة والإقصاء.
الاحتجاجات الرمزية والدولية: التضامن مع غزة
ارتبطت بعض الحركات الرمزية بدعم مسار سفينة “حنظلة” لكسر الحصار عن غزة، وتجديد المطالبة بتجريم التطبيع ودعم حملات المقاطعة، في سياق سياسي إقليمي ودولي متوتر. تعكس هذه التحركات تفاعل الفاعلين المحليين مع قضايا التحرر العالمي، واندراجهم ضمن شبكات مقاومة رمزية تتجاوز حدود الدولة. واتخذت هذه التحركات اشكالا متنوعة من اعتصام ووقفات احتجاجية وتضامنية وحملات مقاطعة.
معطيات سوسيوديمغرافية للفاعلين الاجتماعيين خلال شهر جويلية
الفئات الأساسية:
المواطنون/السكان (82 تحركًا) بنسبة 22,9%
سواق القطاع العمومي (72 تحركًا) بنسبة 20,1%
المعلمون والأساتذة والموظفون 10,3%
والنسبة الباقية شملت المعطلين عن العمل والفلاحين والسائقين و ….
النوع الاجتماعي:
6 تحركات نظمتها رجال فقط، 2 من قبل نساء فقط، والبقية كانت ذات طابع جماعي مختلط.
الأشكال الاحتجاجية:
وقفات احتجاجية (114) بنسبة 31,9%
إضرابات (87) بنسبة 24,3%
اعتصامات (33)
إضراب جوع (15)
غلق طريق (11)
توظيف الفضاء الافتراضي (76 مرة)
خرائط جغرافية للاحتجاج: بين المركز كغاية لايصال الصوت و الهامش كفضاء للمقاومة
وتحافظ تونس خلال شهر جويلية، على المرتبة الاولى من حيث الاحتجاجية التي تم رصدها اين شهدت 93 تحركا يليها في ذلك ولاية قفصة ب32 تحركا فولاية بن عروس ب21 تحركا وولاية القيروان ب20 تحركا وولاية صفاقس ب 17 تحركا وشهدت ولاية جندوبة 15 تحركا وسجلت ولاية القصرين وبنزرت وسيدي بوزيد ونابل 13 تحركا في كل واحد. وعرفت ولاية منوبة 11 تحركا وولاية باجة 10 تحركات ومثلها ولاية زغوان وتحرك الفاعل الاجتماعي في كل من ولاية الكاف والمنستير وسوسة في 9 مناسبات وفي تطاوين وسليانة ومدنين في 7 مناسبات والمهدية وقبلي في 6 مناسبات وعرفت ولايات اريانة وتوزر اقل منسوب من التحركات اين سجلت كل منهما 4 تحركات.
واتجه الفاعل الاجتماعي في اكثر من ال 60% من التحركات المرصودة نحو الحكومة او رئاسة الجمهورية وتمثيلياتها ( الولاية والبلدية) والادارات التي تعود لها بالنظر، في حين عنيت وزارة التربية ب12% من التحركات، واتجه المحتجون نحو الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه في نحو 10% من التحركات وتوزعت بقية التحركات بين صاحب العمل ووزارة الصحة والديوان الوطني للتطهير ومجلس نواب الشعب ووزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري والسلط الأمنية..
الانتحار ومحاولات الانتحار
شهد شهر جويلية 5 حالات ومحاولات انتحار، سجل 4 منها في صفوف الشباب. واقدم 3 منهم على إيذاء النفس داخل الفضاء الخاص في حين اتجه البقية الى الفضاء العام ليكون اطار للتعبير عن رغبتهم لإنهاء حيواتهم والإقدام على الفعل الانتحار. وسجلت ولايات القيروان وبنزرت وتونس وسوسة ونابل حالة انتحار في كل واحدة. وشمل العدد 3 اناث و2 ذكور.
ويقدم الأفراد على خيار فعل الانتحاري نتيجة لعدة عوامل، بما في ذلك الضيق والشعور بالعجز واليأس، والظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تزيد من مشاكل الصحة النفسية في ظل غياب لمسارات علاجية او اطر احاطة.
ومرة اخرى تشهد مراكز الايقاف والشجون التونسية حالات موت مستراب بلغ عددها هذه المرة الأربع حالات وهي سابقة لم تشهدها البلاد سابقا، يغذي هذا العنف تواصل تفشي ظاهرة الإفلات من العقاب وارتفاع وخاصة في صفوف الأمنيين.. ووسط ظروف غامضة لفظ الشاب منتصر عبد الواحد انفاسه داخل زنزانته في سجن المرناقية وقبله في اسبوع وعلى خلفية اعتداءات بوليسية لقي بدوره حازم عمارة – 24 سنة حتفه في سجن بلي وتوفي أمين الجندوبي – 22 سنة في سجن برج العامري ووسيم بن حافظ الجزيري – 25 سنة في سجن صفاقس.
وتم ارتكاب جزء كبير من حالات العنف في أماكن عامة، وهو ما يعكس تراجع واضح للأمن في الفضاءات المشتركة التي كان يفترض ان يتوفر فيها مستوى أدنى من الحماية للفئات الضعيفة والهشة على غرار النساء والأطفال..
و85% من مرتكبي أعمال العنف كانوا من الرجال، في حين تم تسجيل 14 % من أعمال العنف في شكل مختلط. ولم ترتكب النساء سوى 1% من أحداث العنف المرصودة. ومن حالات العنف المسلط على النساء، تم توثيق حالات من التحرش الجنسي وعنف زوجي وحالات قتل واعتداء بالعنف الشديد.
وعبر سلوكات عنف قام قصر بالاعتداء على حافلات النقل العمومي التي تم ادراجها حديثا ضمن اسطول النقل العمومي بداية شهر جويلية وحسب تصريح رسمي للمتحدثة باسم شركة نقل تونس شهدت وسائل النقل العمومي منذ بداية السنة وحتى منتصف شهر جويلية 674 اعتداء على عربات المترو وقطار تونس -حلق الوادي وتم تسجيل 181 اعتداء على شبكة الحافلات خلال نفس الفترة، وشملت هذه الاعتداءات أعمال تخريب ورشق بالحجارة وسرقة تجهيزات.
وتعبر عمليات تخريب وسائل النقل من قبل الشباب أو القُصّر، من وجهة نظر اجتماعية نفسية عن حالات غضب، وقد تكون هذه الأفعال وسيلة للتعبير عن الرفض أو التمرّد على واقع اجتماعي أو اقتصادي يشعر فيه الشباب أو القُصّر بأنهم مُهمّشون أو غير مَرئيين. خاصة ان وسائل النقل العمومي تمثّل أحيانًا “رمزًا” للدولة أو للسلطة، وتخريبها يُصبح فعلًا احتجاجيًا (ولو عن غير وعي )، كما قد يشير التخريب إلى تراجع الانتماء أو الولاء للمجتمع أو للدولة، والى الشعور بأن الممتلكات العامة لا تمثلهم.
ويعتبر المرصد الاجتماعي التونسي أنه من المهم ان لا يتم تناول مسالة التخريب في جانبها الظاهر، بل من المهم ايلائها الاهتمام اللازمة وتحليل خلفيات القائمين بذلك الفعل ( المنطقة والمستوى الاجتماعي والسن) وربط الظاهرة بمدى تدهور الخدمات العمومية وحالة الاحباط العام التي يعيشها الشاب واليافع في تلك المناطق

https://al-forum.org/ar/digital-report-of-the-tunisian-social-observatory-july-2025/

مواضيع ذات صلة