
المغرب الكبير…فكرة نائمة، لكنها ما زالت حية…..أ.د الصادق شعبان
لا تأخذوني على أنني حالِم أو ساذج.
أعرف أن المغرب معقّد، وأن الحدود تعلو كل يوم ، وأن حديث التقارب صار يثير ابتسامات المتشكّكين.
لكنني أؤمن أنه في يوم ما، سنفكّر جدياً في الأمر.
أتحدث عن المغرب الكبير،
عن ذلك الحلم الذي كان لآبائنا، ثم وضعوه جانباً ظنًّا منهم أنه أكبر من زمنهم.
لكنه ليس حلماً عاطفياً ولا مستحيلاً، بل هو ببساطة أفقنا الطبيعي.
اليوم، لم يعد أحد يجرؤ على الحديث عنه.
الحكّام لديهم أولويات أخرى، يفكرون في الحكم وإدارة الحاضر. أما الشعوب، فهي تفكر في الغد. و تريد ان تبني للأجيال القادمة .
يريد الناس أن يبدعوا، ويتحركوا، ويبتكروا، ويحلموا بمساحات أوسع.
وقبل كل شيء، أن لا يشعروا بالصِغَر في عالم يمضي من دونهم.
فكرت في أفق لتونس و لمست أن حدودها غير كافية . و لم أجد هذا الافق لا في الشرق و لا في الغرب . و اعتقادي ان الجزائريين و المغاربة و الليبيين و الموريطانيين لهم نفس الشعور .
و عدت الى ملف قديم قتلته السياسات الحديثة بعد الاستقلال .
المغرب الكبير هو الفضاء المناسب .
شباب المغرب الكبير يريد أن يتنفس.
يريد أن يبني، ويعمل، ويسافر من دون إذلال.
يريد أن ينتمي إلى فضاء يعطيه الاحساس بالقوة و بالحماية و بالافاق .
يريد أن يؤمن بأن المغاربة معاً يستطيعون أن يكونوا فاعلين، وأن يحموا أنفسهم وأن يُسمِع صوتهم.
المشرق لا يعترف بنا كما نحن. فنحن نصف عرب ، و مسلمون من نمط اخر.
والغرب يريدنا جيرانا طيبين، مسالمين، مستهلكين ، لا نزعهجهم بالهجرة الا بالقدر الذي يريدون و في الاختصاص الذي يريدون .
أما القوى الأخرى، فلها ألعابها ومصالحها.
فلم يبقَ لنا إلا أنفسنا:
خمسة شعوب يوحّدها البحر و الصحراء ، واللغة، والتاريخ، وشباب يريد اعادة مجد قديم .
ربما ليس هذا موضوع الحكّام اليوم،
لكنه يجب أن يكون موضوع الشعوب.
لأنه يتعلق بمستقبلنا المشترك، وبكرامتنا، وبمكاننا في هذا العالم.
أنشر هذا الكلام لأُعيد الحياة إلى نقاشٍ مات منذ ستينات القرن الماضي،
ليس طلباً للإعجاب، بل لإيقاظ حلمٍ غفا طويلاً.
و لأنني مقتنع بشيء واحد:
أن المغرب الكبير ليس مستحيلا … بل حقيقة منسيّة.