الموت بصمت… هل وصل “كودوكوشي” إلى العالم العربي؟…بقلم: أشرف المذيوب

الموت بصمت… هل وصل “كودوكوشي” إلى العالم العربي؟…بقلم: أشرف المذيوب

6 ديسمبر، 21:15

في اليابان يسمونه كودوكوشي…
موت وحيد، صامت، لا ينتبه إليه أحد إلا بعد أن تتحلل الجثة وتفوح رائحة الغياب.
كان هذا المشهد يبدو غريبًا عن مجتمعاتنا العربية التي طالما اعتزّت صلة الرحم والدفء الأسري…
لكن اليوم، الكابوس بدأ يطرق أبوابنا بصمت، أخطر من الموت نفسه.
🔴 عرب يموتون وحدهم… والأبواب المغلقة لا تُفتح
كانت قصص الموت بمفرده تُروى سابقًا كاستثناء صادم… أما اليوم، فهي تتكرر في مدننا:
في تونس، يُعثر على مسنّ مات منذ أيام في شقته.
في المغرب، جثة رجل تُكتشف بعد أسبوع بسبب رائحة لاحظها الجيران.
في مصر، عجوز تُوفيت في منزلها بينما أبناؤها يعيشون في نفس المدينة بلا زيارة.
في الجزائر ولبنان والخليج، حالات متزايدة لكبار السن يموتون في عزلة مخيفة.
المشهد لم يعد يخص اليابان فقط… لقد أصبح يزورنا هنا.
🧩 لماذا يموت العربي وحيدًا؟ ومن المسؤول؟
الجواب معقد، لكنه ليس بريئًا. هناك عوامل عدة تبني جدارًا من الوحدة حول كبار السن وغيرهم:
1️⃣ هجرة الأبناء – يترك الأبناء الوالدين بحثًا عن العمل، وتصبح المكالمة رفاهية، والزيارة حلمًا مؤجلًا.
2️⃣ المدينة الحديثة بلا رحمة – عمارات شاهقة، جيران لا يعرفون بعضهم… يموت الإنسان ولا يسمع أحد أنينه.
3️⃣ ضعف الروابط العائلية – خلاف صغير يتحول إلى قطيعة سنوات، ثم يأتي الندم بعد فوات الأوان.
4️⃣ الطلاق والوحدة – مطلقون بلا أهل أو أولاد قريبين… وحين يسقط أحدهم، لا يسمعه أحد.
5️⃣ انشغالنا الذي كسر إنسانيتنا – نقول: “سنزور غدًا”… ثم يأتي الغد ولا يصل أحد.
💔 المأساة ليست الموت وحده… بل الإهمال
يموت الإنسان ليس لأنه مريض… بل لأن أحدًا لم يطرق الباب.
يموت جوعًا أو عطشًا، أو يسقط بلا مساعدة.
يموت لأن العالم أصبح أسرع من قدرة قلب مسن على التحمل.
يموت لأن الغربة لم تعد في الخارج فقط… بل صارت داخل البيت، داخل العائلة.
🕌 من منظور ديني وأخلاقي
تحذير القرآن من قطع الأرحام ليس نصًا يُتلى فحسب…
إنه صرخة تحذرنا من أن مصيرنا قد يصبح كاليابان إذا لم ننتبه:
«فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ…»
قطع الرحم لا يبدأ بالكراهية… بل يبدأ بالإهمال. وبين الاثنين، يموت إنسان.
🌿 هل يمكن إنقاذ ما تبقى؟
نعم. وليس بقرارات حكومية أو مؤتمرات.
يكفي فعل بسيط: زيارة، مكالمة، باب يُطرق، قلب يُطمئن.
اسأل عن جارك، تواصل مع والديك، زُر كبار السن.
لا تدع الوحدة تقتل أحدًا… ثم تقتل فيك شيئًا من إنسانيتك.
🔚 خاتمة
“كودوكوشي العربي” أصبح حقيقة…
ونحن وحدنا نملك القدرة على إيقافه.
ليس بالمال، ولا بالقوانين… بل بالرحمة التي كانت دائمًا أجمل ما فينا.

مواضيع ذات صلة