النازحون في غزة: 2 مليون فلسطيني محاصرون في 39 كيلومتراً
عاش الفلسطينيون في قطاع غزة لفترة طويلة في واحدة من أكثر الأماكن ازدحاماً على وجه الأرض، ومنذ اندلعت الحرب الإسرائيلية قبل أكثر من 10 أشهر، تقلصت المساحة المخصصة لهم للعيش بأمان، إذ بات مليونا شخص محاصرين في مساحة 15 ميلاً مربعاً (39 كيلومتر مربع)، أي أصغر من مساحة حي مانهاتن في نيويورك، وفق صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية.
ووسعت إسرائيل في الأسابيع الأخيرة، هجومها على قطاع غزة، إلى مناطق تزعم أنها تؤوي مقاتلي الفصائل الفلسطينية، على الرغم من إعلان تل أبيب نفسها، في أوقات سابقة من الحرب، أن تلك المناطق “آمنة” للمدنيين، الأمر الذي يحصر الفلسطينيين في أجزاء أصغر فأصغر من القطاع.
وخلال أوت الجاري، أصدر الجيش الإسرائيلي ما لا يقل عن 9 أوامر إخلاء تغطي مناطق خصصها كمناطق إنسانية، وهي التوجيهات التي تقدر الأمم المتحدة أنها أثرت على 213 ألف شخص.
ووفقاً للأمم المتحدة، فإن أوامر الإخلاء دفعت منذ بداية العام، الفلسطينيين الفارين من الحرب إلى اللجوء إلى مناطق تبلغ مساحتها نحو 33% من القطاع، والآن انخفضت هذه المساحة إلى 11% فقط من غزة.
بدورها، قالت بشرى الخالدي، مسؤولة السياسات في منظمة “أوكسفام” الخيرية العاملة في قطاع غزة، إن تقلص المساحة المتاحة للفلسطينيين للبحث عن ملاذ يتسبب في تفاقم المخاوف بشأن تفشي الأمراض وتدهور الظروف المعيشية في الجيوب الصغيرة المتاحة للمأوى.
لكن إسرائيل تقول إنها تأمل في العثور على مقاتلي “حماس” في المناطق التي حددتها كمناطق إنسانية، بعد اجتياحها لمعظم مناطق القطاع، ولكن المساحة الأصغر، تخاطر بتفاقم الأزمة الإنسانية المروعة بالفعل.
شلل الأطفال ونقص الغذاء
وتتخوف المنظمات الدولية والأممية، من انتشار الأمراض مع زيادة اكتظاظ السكان، إذ حذرت منظمة الصحة العالمية من انتشار مرض شلل الأطفال في القطاع، بينما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع، الأسبوع الماضي، عثورها على آثار للفيروس في مياه الصرف الصحي.
بدوره، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، إن مئات الآلاف من الأطفال في غزة، معرضون لخطر الإصابة بشلل الأطفال، بينما طالبت هيئة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” بهدنة لمدة أسبوع، حتى تتمكن من تطعيم 640 ألف فلسطيني ضد المرض، الذي أوشك على الانتهاء، على الصعيد العالمي، لكن فرص انتشاره في القطاع الفلسطيني المكتظ بالسكان تتزايد.
وتعد مياه الصرف الصحي غير المعالجة، ونقص المياه والغذاء، والمرافق الطبية المتهالكة، ونقص إمدادات النظافة الشخصية، عوامل تزيد من المخاوف بشأن تفشي الأمراض.
طالبت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” أطراف النزاع في قطاع غزة بتطبيق هدنة إنسانية 7 أيام، من أجل السماح بتطعيم نحو 640 ألف طفل ضد شلل الأطفال.
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، الاثنين الماضي، إن أوامر الإخلاء الإسرائيلية الأخيرة “أثرت على العيادات المؤقتة والمدارس ومرافق المياه والصرف الصحي”.
وأضاف بيان الأمم المتحدة: “إن هذا الانخفاض في المساحة، إلى جانب الاكتظاظ، وانعدام الأمن المتزايد، والبنية التحتية غير الكافية والمرهقة، والأعمال العدائية المستمرة، والخدمات المحدودة، تؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني المزري”.
وكان تحقيق أجرته شبكة NBC News الأميركية، في أفريل الماضي، خلص إلى أن إسرائيل قصفت من خلال 7 غارات، مناطق في جنوب غزة، كانت قد حُددت على أنها “آمنة”، ووقعت هذه الهجمات في الفترة من جانفي إلى أفريل، إذ قامت أطقم الشبكة بتصوير الآثار التي خلفتها الغارات الست على رفح نفسها، وضربة واحدة شمالاً على منطقة المواصي الإنسانية، التي صنفتها إسرائيل على أنها “آمنة” أيضاً.
وقد أودى القصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ 7 أكتوبر الماضي، بحياة أكثر من 40 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال.