الهيئة تدعو إلى الالتزام بالقانون وتنبه الحكومة إلى خطورة الممارسات المُهددة لحرية الصحافة
تابعت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري بكل استغراب التصرف المنتهج تجاه الصحفي خليفة القاسمي إثر أدائه لعمله المتمثل في نشر خبر يتعلق بتفكيك خلية إرهابية.
وبدل أن ينصفه القضاء من خلال تطبيق المرسوم عدد 115 لسنة 2011 المؤرخ في 2 نوفمبر 2011 والمتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر، تم الاحتفاظ به على ذمة التحقيق، بل وتم أيضا استدعاء زملائه من القناة الاذاعية الخاصة ” موزاييك اف ام” من قبل الوحدة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب بالحرس الوطني بالعوينة للاستماع إليهم.
وإن تريثت الهيئة في اتخاذ موقف على اعتبار إمكانية وجود معطيات أخرى لا علاقة لها بالعمل الصحفي من شأنها تبرير هذا التصرف، إلا أن الأمر انحصر في مجرد الضغط على الصحفي من أجل كشف سرية مصادره خارج إطار قانون الصحافة الحامية لهذا الحق والمنظمة له، وفي مخالفة لأحكام الفصل 11من المرسوم عدد115.
وعليه، يهم الهيئة التنبيه إلى خطورة هذه الحادثة التي تتجاوز تفاصيل حيثياتها لتشكل مؤشرا على انزلاق خطير في مجال الحقوق والحريات وتهديدا واضحا لحرية التعبير والصحافة في تونس.
كما تتمسك الهيئة بأن مراقبة المضامين التابعة للقنوات التلفزية والإذاعية هي من الاختصاصات الحصرية للهيئة التعديلية وتعتبر أن التدخل لحذف مقال منشور على موقع الإذاعة هو تدخل سافر في صلاحياتها، وتطالب كل المؤسسات وخاصة السلط الأمنية والقضائية باحترام مقتضيات القانون المنظم لقطاع الإعلام والالتزام بتطبيق المرسومين 115 و116 لسنة 2011 في كل القضايا المتعلقة به.
وتذكر الهيئة، في هذا الإطار، أن الدور الذي قام به الصحفيون لمجابهة الإرهاب منذ بداية الثورة، والذي كلفهم الكثير من التضحيات وعرضهم للكثير من الاعتداءات على مدى فترات جميع الحكومات المتعاقبة والمتخاذلة، هو جهد يستحق الاعتراف وتوفير المزيد من الحماية لهم عوض استنساخ تلك التجارب المريرة التي كان للعديد من الصحفيين شرف التصدي لها.
كما تؤكد الهيئة أن موقفها المنحاز لحرية التعبير ودور الصحفي في بناء مجتمع مدني ديمقراطي هو موقف مبدئي لا يقبل المساومة أو الاستثمار لتحقيق أهداف سياسية. وتدعو الهيئة الحكومة إلى إيقاف جميع التتبعات تجاه هؤلاء الصحفيين وتنبهها إلى خطورة هذه الممارسات غير المبررة.
وإذ تثمن الهيئة تضامن الصحفيات والصحفيين مع زملائهم، فإنها تحثهم على التمسك بأدوارهم المجتمعية وباستقلاليتهم وحرية تناولهم للأحداث وفق ما تقتضيه قواعد المهنة الصحفية واخلاقياتها دون الرضوخ لأي ضغط أو ابتزاز.