اليوم وبعد نتيجة انتخابات 6 أكتوبر حان الوقت للعودة الى الوضع الطبيعي…فتحي الجموسي
منذ 14 جانفي 2011 انطلقت حملة ممنهجة لاضعاف الدولة ثم تدميرها وهتك سيادتها لصالح قوى اجنبية وتقاسم ثرواتها ونفوذها بين الاحزاب واللوبيات، وكان اعتصام القصبة 1 و القصبة 2 وهدم كل المؤسسات السابقة بتعلة التاسيس لدولة جديدة أفضل طريقة لتحقيق ذلك.
فتم انتخاب المجلس التأسيسي الذي سن دستور بنظام برلماني هجين قسم السلطة بين ثلاث رئاسات متنافرة لا احد فيها يحكم ولا احد فيها يتحمل مسؤولية الفشل في الحكم كما تم سن قوانين ومراسيم في ظاهرها تؤسس للحرية و الديمقراطية وفي باطنها تؤسس للفوضى و للعبث و التمرد على سيادة الدولة الداخلية و الخارجية.
كان أكبر لاعب في هذه المهمة القذرة المبرمجة من قوى خارجية تحت مسمى الربيع العربي وثورة الياسمين هي حركة 18 اكتوبر بكل مكوناتها من اسلاميين و يسار ومستقلين وحتى اختلافاتهم فيما بينهم لم تكن اختلافات مبدئية أو وطنية أو حتى ايديولوجية بل في الحقيقة كانت اختلافات حول نصيب كل واحد منهم من الكعكة.
وبطبيعة الحال تدخلت اطراف اخرى في هذا الصراع وطالبوا بنصيبهم من الكعكة بعد ان ضعفت الدولة مثل بعض الهيئات المهنية وايضا اتحاد الشغل الذي صاح أمينه العام عاليا “الاتحاد أكبر قوة في البلاد” اي ان قوة منظمته أكبر من قوة الدولة وطالب بنصيبه من الكعكة وحصته من الوزراء ونن الولاة و المديرين العامين واصبح يعين و يعزل.
سادت الفوضى العارمة في كل البلاد و انتشر الارهاب والفساد والمخدرات والاجرام واصبح قطاع الطرق وقطاع الفانات يملون شروطهم على الدولة في المجالس الوزارية وكبلت الدولة بالمديونية الداخلية و بالخارجية و اشرفت على الافلاس وترأس البرلمان أكثر شخصية يمقتها الشعب التونسي وتحول هذا البرلمان الى اسطبل وحلبة للعراك والفضائح.
لكن قانون الطبيعة يقتضي أنه اذا بلغ الشيء حده إنقلب الى ضده.
فكان 25 جويلية 2021 الذي قلب الطاولة على الجميع من سياسيين و اعلاميين و اصحاب نفوذ و مال و لوبيات.
لم تكن الوسيلة تقليدية ولا هي حقوقية فالسياسة في مثل هذه الظروف لا تتماهى حتما مع الحق والقانون خصوصا اذا كان القانون حلقة مغلقة لا تخدم سوى مصالح من سنها.
كان لا بد من الصرامة وحتى الشدة و التعسف لايقاف هذا النزيف الذي يهدد الدولة بالفناء.
كان الامر 117 و المرسوم عدد 54 بمثابة الاحكام العرفية التي يقع سنها زمن الحرب.
نعم كانت فترة ما بعد 25 جويلية فترة انتقالية ثانية لعودة الدولة بنفوذها تلي الفترة الانتقالية الاولى التي عملت على تدمير هذه الدولة.
لكن اليوم وبعد نتيجة انتخابات 6 اكتوبر التي دمرت نهائيا منظومة 18 اكتوبر و منظومة الربيع العربي أعتقد انه حان الوقت للعودة الى الوضع الطبيعي بعد ان زال خطر الاوباش وانه لا بد لنا اليوم من مصالحة سياسية وعودة الاحزاب وللحياة السياسية العادية لكن في الحدود التي تضمن عدم العودة للفوضى مجددا و لا بد لنا كذلك من مصالحة اقتصادية مع بعض رجال الاعمال في الحدود التي تضمن لنا الاستثمار و خلق الثروة.
المصالحة والانفراج السياسي و الاقتصادي اصبحا ضرورة لا تتطلب التأخير وكل هذا لصالح الشعب والدولة واعلاء للحق و للقانون.