بين صفاقس ولندن ….مَحمد التركي
قال توفيق الحكيم واصفا مدينة لندن عاصمة بريطانيا في النصف الاول من القرن العشرين حيث واصل تعليمه العالي بها في القانون الذي فُرض عليه من أبيه ، قال ان كثرة المقاهي بالمدينة اللندنية لا يُحصيها عَدٌ مقاه يلتقي بها الأدباء والأصدقاء وعابري السبيل لكن الجلسة في المقهي لا تطول إذ سرعان ما يتغير النادل وبتغييره عليك أن تطلب قهوة من جديد او ترحل ، إن كثرة المقاهي في لندن جعلت الحكيم يقول في استغراب : إنك تجد في هذه المدينة بين كل مقهى ومقهى مَقهًى تذكرتُ مدينتي صفاقس الشبيهة بمدينة لندن ونحن في النصف الأول من القرن الوحد والعشرين ، البون شاسع إذ يقبع رواد مقاهي صفاقس بالساعات يلعبون الورق او النرد فترتفع أصواتهم ويتشاجرون بشتى الطرق بالأيدي والألسن ويتسابّون حتى ، إنهم يهجرون بيوتهم وزوجاتهم وأبنائهم مدفوعين دفعا إلى ملازمة المقاهي فصفاقس خالية من الفضاءات الترفيهية التي تملأ شوارع تونس الكبرى والساحل والوطن القبلي ، بحرها ملوث لا يصلح للسباحة منذ ستة عقود ولن يَصلُح حتى بعد قرون . لذا إذا وجدت في طرقات صفاقس عشية أو ليلا مئات السيارات مركونة على جانبي الطريق فضلا عن العدد المهول من الدراجات النارية فاعلم أنه ثمَّة مقهى أو مقهيين متجاورين . مساكين نحن الصفاقسية وسيلة ترفيهنا إن صح القول هي المقهى لا غير .