تنقصنا رؤية بعيدة لتونس… أ.د الصادق شعبان
رؤية لتونس ؟
تنقصنا رؤية بعيدة لتونس …
رؤية تحمل احلامنا، وتعطيها فرص التطبيق …
رؤية شمولية، تحقق التناسق الكبير، وتترجم فينا بعد الى سياسات والى خطط عمل … وهذا هو فن القيادة : نظر للمستقبل، وتحديد للاهداف وللسبل … إدارة الأمم ليست إدارة الحاضر، وانما إدارة المستقبل ..
نحن الان نسير دون ان نعرف الى اين … وضعنا اطارا مؤسساتيا جديدا افضل بكثير مما كان، لكن الإطار الدستوري والقانوني لا يكفي… يجب أن تكون لنا القيادة التي تعرف الطريق ولها الحلول … هذه القيادة ليست عمل فرد ولا هي اعتباطية، بل عمل جماعي معقد وتقوم على القدرات البشرية وعلى الأرقام …
وعلينا جميعا أن نساعد الدولة، والا نكتفي بالوقوف على الربوة، او بالتنبير العقيم …
العالم يتحول بسرعة وليس لنا دراية كافية لموقعنا : أين نحن؟ وكيف ننتفع من التحولات؟ …
التكنولوجيات تتجدّد وليست لنا سياسات للمواكبة … التعليم العمومي يثقل ومواكبته للجديد تضعف وليس فيه تقييم ولا تصوّر لدور جديد ولتنظيم اخر … كفاءاتنا تختطف منا باطراد وتغذي الصناعات التي يباع منتوجها لنا بأغلى الاثمان … بعض صناعاتنا تقادمت وتحتاج إلى مراجعة … الإدارة تحتاج إلى نظرة جديدة والى تخفيف في الوزن …
مطلوب ان نعالج المسائل وفق إستراتيجية مسبقة ومرجعيات مستقرة نكون درسناها واتفقنا حولها … الارتجال خطير، ومن يعتقد انه يملك الحقيقة وحده خاطئ …
لنا قدرات هائلة وقيادات اقتصادية ممتازة وناجحة، والعديد من المؤسسات تقوم بمبادرات استشرافية، مثل المعهد العربي لرؤساء المؤسسات، لكن هذه المبادرات تحصل دون رؤية وطنية موحدة، وفي مناخ غير مستقر …
بقينا نعيش الحاضر ونتطرق لمسائل مبعثرة ونرتجل وكل يحلل في البلاتوات وعلى الفايسبوك وكل يعطي رايه بكل ثقة في النفس وهناك من انتصب منورا للجميع …
ليست لنا مرجعيات كبرى، ولا علامات تحدد النقاش …
لذا رأيت في عيد الجمهورية هذا، وبمناسبة مرور سنتين على مسار جويلية، ان اقترح على رئيس الدولة الإعلان عن الشروع في وضع رؤية لتونس في افاق 2040 مثلا، واختيار رئيس الدولة يستند الى شيئين : أولا لانه الجهة التي تحقق للرؤية طابع الشمولية، وثانيا لانه الوحيد الذي يمكنه ان يعطي للرؤية فرص التطبيق …
إعداد الرؤية هو في حد ذاته عمل سياسي هام، وفرصة لتجميع الكفاءات والاستماع إلى طموحات التونسيين …
عندما نضع هذه الرؤية، نرى ان الخلافات الحقيقية ليست بيننا وانما مع الآخرين، ونعرف كيف نهتم بالمسائل الاهم ولا نغرق في المسائل الثانوية …
أ.د الصادق شعبان
23 جويلية 2023



