تونس والانتخابات الرئاسية القادمة … عبد الكريم قطاطة
جُلنا مهتمّون بماذا سيحدث في الانتخابات الرئاسية القادمة ..وعديدة هي الآراء والمواقف من خصوصية هذه الانتخابات … من وجهة نظري المتواضعة ارى انّ هذه الانتخابات لن تكون كسابقاتها ….ولتعليل ذلك لا مناص من العودة الى بعض الاحداث التي عاصرتها والتي اراها مدخلا مهما في التحليل والتعليل .. في فترة الزعيم بورقيبة كانت الانتخابات نسخة كربونية من بعضها البعض …نسب التصويت للزعيم وكما في ايّ بلد عربي لا تنزل عن الرقم 90 في ال 100 ..ثم توقفت هذه الانتخابات عندما اصبح بورقيبة رئيسا مدى الحياة … في فترة بن علي لم تشذّ نسب النجاح فيها لبن علي عن قاعدة التسعين ..واخيرا وبعد 14 جانفي جاءت النسب مغايرة تماما لما دأبنا عليه في العهدين السابقين .. لكن ورغم ذلك كان هنالك قاسم مشترك بينها جميعا ..الترغيب والترهيب للتاثير على الناخبين ..قد تكون الاشكال والانماط مختلفة لكنّ القاعدة واحدة .. آتي الان الى الاحزاب في العهود الثلاثة ومدى فاعليتها في مثل هذه الاحداث .. في عهدي بورقيبة وبن علي كانت هنالك احزاب معارضة نعم ولكن بعضها كان كرتونيا واخرى كانت تفتقد للبعد الجماهيري .. بعد 14 جانفي اصبحت الاحزاب بعدد عظام الروس …نعم اصبحت في جلّها موضوية ..لكن ذلك لا ينفي وجود احزاب لها حجمها الجماهيري حتى ولو كان في شكل قطيع اما يقدّس او يبخّس .. وبقيت بعض الاحزاب الاخرى رغم جديتها ووطنيتها تفتقد للحجم الجماهيري وهذه الاحزاب لم تفهم بعد ورغم نضالاتها التاريخية انّ من لا حجم جماهريّ له كمن يصيح في الصحراء … والان كيف يمكن ان نصنّف واقع الاحزاب او المناصرين و التي سيكون لها دورا فاعلا في الانتخابات القادمة … وللتذكير ساقوم بالحديث عن هؤلاء الفاعلين انطلاقا فقط من حجم الجماهير المساندة لهم …لانّ الصندوق سيحكم فيه عدد الاصوات وليس عدد النظريات والنوايا … تونس الان وفي تقديري منقسمة الى ثلاث جبهات ..جبهة قيس سعيّد ..جبهة النهضة وحلفائها وجبهة عبير موسي والدستوري الحرّ …البقية ونظرا لحجمهم الجماهيري المتواضع جدا سيمثلون ادوار الكومبارس في الانتخابات لا غير …من هي جبهة قيس سعيّد ؟؟ هي بكلّ بساطة جبهة 25 جويلية …وهي مختلفة تماما عن جبهة قيس سعيّد في انتخابات 2019 … جبهة 2019 كانت خليطا من جماهير رافضة لنبيل القروي اوّلا ثم وقع تدعيمها من طرف جمهور انصار النهضة … بينما جبهة 25 جويلية هي في جلها جماهير ثارت يوم 25 جويلية على المنظومة الحاكمة في حركة شعبية سادت معظم المدن التونسية وقفز قيس سعيّد ليلا على الفرصة ليحدث زلزالا سياسيا كبيرا .. وتلك الليلة مهما كان اسم صاحب ذاك القرار قيس سعيّد او قيس بن الملوح او قيس بن ذريح او قيس اليعقوبي او قيس الغضبان ..حتما ستخرج الجماهير الى الشوارع مهللة مهللة باسمه وبذلك الحدث الزلزال والذي سمّاه البعض بالانقلاب … وانا لست ضدّ هذه التوصيفة لانه فعلا كان انقلابا على وضع ما تماما كماكان انقلاب 7 نوفمبر على الزعيم بورقيبة وانقلاب 14 جانفي على بن علي .. حتما لكل انقلاب اسبابه وبصماته ولكنها جميعا كانت انقلابات … الفصيلة الثانية في الانتخابات القادمة هي فصيلة عبير موسي والحزب الدستوري الحرّ …هنا اذكّر بانّي وفي قراءة استباقية للاحداث كنت كتبت عن عودة التجمعين للسياسة يوما ما منذ سنة 2013 ..وعللت ذلك بعاملين العامل الاول حجم الجماهير التي كانت منضوية تحت راية التجمع …واحساسهم بالاهانة التي لحقتهم بعد 14 جانفي _ اذن رقدوا في الخطّ لمدة ثم عادوا والعامل الثاني تجربتهم السياسية الطويلة والتي اكتسبوا فيها خبرات في التكتيك السياسي والتعامل مع الاحداث … وفعلا ذلك ما حدث ..انصار عبير جمعهم كذلك عاملان …الموقف العدائي للاسلام السياسي وخيبتهم في قرارات قيس سعيّد …وهذه اشياء تجد المناصرة من قبل العديد …حتى وان لم يكونوا منخرطين في الحزب الدستوري الحرّ … آتي الان الى جبهة النهضة ومسانديها من اسماء سياسية خارج حزبها .. لا احد يشكّ في حجمها جماهيريا رغم تقلصها وبشكل واضح وجلي عودوا الى الارقام التي تحصل عليها حزب النهضة في الانتخابات منذ 2011 حتى 2019 كدليل على ذلك …لكن الاشكال القائم لدى هذه الحركة انها لم تحاول يوما ما الاعتراف بكل الاخطاء التي ارتكبتها في عشرية كاملة والتي انتجت كوارث بكلّ المعاني وفي كل مفاصل الدولة ..لنفترض جدلا ان كلّ الاتهامات التي وُجهت اليها باطلة وانهم كانوا ملايكة على وجه الارض من منّا ومنهم ايضا لا يقرّ بانهم فشلوا ؟؟…… حتى وان تذرّعوا بانّ اعادءهم كانوا السبب في فشلهم _ وما خلاوهمش يخدمو _ هذه حجة عليهم ليست معهم ..لانهم في الاخير لم يكونوا قادرين على هزم الاعداء ..اذن هو الفشل … هذه الفصيلة بمسانديها لن يقفوا مكتوفي الايدي في الانتخابات القادمة … هم كعادتهم سيبحثون عن مرشح يمثلهم حتى يعيدهم للواجهة …تماما كما فعلوا مع قيس سعيّد عندما حثّوا انصارهم على التصويت له في المرحلة الثانية وكان في خلدهم انه الحمل الوديع الذي سيكون _ قدّ يويداتهم _ ..لكن اللي يحسب وحدو يفضلّو .. اختم بالقول انّه وباستثناء قيس سعيّد كمرشح مؤكّد للانتخابات الرئاسية وعبير موسي التي يصرّ مناصروها الحاحا على ترشيحها ..يبقى اسم مرشح النهضة ومسانديها مجهولا لحد الان … لو كنت _ لا قدّر الله طبعا _ مستشارا في قصر قرطاج لهمست في اذن الرئيس قيس سعيد ..الترشح لاّي سياسي للرئاسة حق دستوري لكل تونسي لم يخن بلاده ولم يستقو باطراف اخرى عليها انذاك حتى وان خسرت الانتخابات سيذكر لك التاريخ وسيذكر كل خصومك وكل من لم تقنعه يوما في العديد من مواقفك وقراراتك وانا من هذه الفئة ….انك خسرت بشرف . واواصل النصيحة استشاريا بالقول عليك بمرسوم عاجل تستثني فيه .حق المشاركة في الترشح كلّ من حكم تونس بين 2011 حتى جويلية 2021 ..اولائك جُرّبوا فخرّبوا ودمّروا وفشلوا ..ولا عاش في تونس من خانها …