جمعية قدماء الإذاعة والتلفزة التونسية فرع صفاقس تُكرّم الفنان علي الحشيشة

جمعية قدماء الإذاعة والتلفزة التونسية فرع صفاقس تُكرّم الفنان علي الحشيشة

5 ديسمبر، 21:15

رائقة راقية كانت جلستنا أمس الخميس 4 ديسمبر 2025 مع عميد فناني صفاقس، أستاذ الأجيال سي علي الحشيشة، وكيف لا تكون كذلك وقد كنا في حضرة رجل أعطى للموسيقى وغيرها من الفنون ولا يزال منذ 60 عاما وأكثر..
بشوشا متواضعا كما اعتادناه واعتاده الناس، استقبلنا في فضائه الثقافي الخاص وهو عبارة عن شقة بإحدى المباني المعمّرة بمنطقة باب البحر بصفاقس، حوّلها بفضل ما لديه من وثائق وشهادات علمية وشهادات تقدير وأوسمة وغيرها من الشواهد إلى ما يشبه متحفا للسيرة الذاتية ومعلما للذاكرة الموسيقية الجهوية و الوطنية و العربية فيه يسعد باستقبال ضيوفه..
وأنت إذا أردت أن تتأكد ممّا يمثّله الرجل من قيمة وثروة فنيّتين فعليك أن تعلم أنه خرّيجي المعهد الوطني الموسيقى و المعهد الرشيدي نهاية الخمسينات ، مطلع الستينات، وأنه تتلمذ على خميس الترنان وعبد العزيز العقربي ومحمد الحبيب ورفعت قياكوك التركي..دون أن يعيقه ذلك عن متابعة تعليمه بجامع الزيتونة المعمور أين نال شهادة الأهلية سنة 1957..
أمّا علاقة الأستاذ علي الحشيشة بالدكتور صالح المهدي، زرياب تونس، فقد ارتقت إلى مصاف أعلى حتى أن الرجلين كانا أفضل من مثٌل تونس وإرثها الموسيقى في المجمع العربي للموسيقى ببغداد التابع لجامعة الدول العربية، ذلك المجمع الذي نال الدكتور صالح المهدي شرف رئاسته ونال الأستاذ علي الحشيشة شرف عضوية مجلسه التنفيذي ورئاسة أربع من لجانه المتخصصة في الفترة 2001/1975.
والدكتور صالح المهدي هو من صدّر لكتاب الأستاذ علي الحشيشة ” السّماع عند الصوفية والحياة الموسيقية بصفاقس في القرنين التاسع عشر والعشرين”، المؤلف الذي نال به سي علي باستحفاق جائزة بلدية صفاقس للتأليف والإبداع لعام 1995..
والحقيقة د، أن فضائل سي علي الحشيشة على الموسيقى وأهلها في صفاقس وخارجها لا تكاد تحصى فقد درٌس التربية الموسيقىة في المعاهد الثانوية وكان متفقدا لمدة 30 عاما، وهو من بعث المعهد الجهوي للموسيقى الذي صار اليوم يحمل اسمه ،وبفضل المعهد و غيره من الجمعيات والفرق التي أسسها وترأسها سي علي لم ينتشر الفن الموسيقي في صفاقس انتشارا غير مسبوق، هواية واحترافا فحسب، بل شهد كذلك نقلة اجتماعية رهيبة من فن منبوذ مشبوه إلى عنوان للحداثة والرفاه..
يقول سي علي الحشيشة: ” لم أقبض يوما خارج جرايتي مليما واحدا وأنا أعلًم الموسيقى..” وكثيرون هو الذين اقتنى لهم ٱلاتهم من ماله الخاص وبفضله توفر السكن للقادمين لتعلم الموسيقى من خارج المدينة..
أمس كنا في حضرة رجل يحس بالرضا والامتلاء لما أعطى بواعز الوطنية والانتماء والطيبة وحب الناس وبدافع تعلقه، حسّا ووجدانا، بصفاقس موطنه و المدينة العتيقة، البلاد العربي، مسقط رأسه ومرتع صباه..
قال فيما قال ” أنا تونسي أحبّ صفاقس” وروى فيما روى أنه لمًا كان في المجمع العربي للموسيقى، عُرض عليه التدريس والإقامة في إحدى دول الخليج مقابل عقد بعشرة ٱلاف دولار 10000 في السبعينات فاعتذر واعتذر مرة أخرى حتى عندما صار العقد عقدا مفتوحا، صكا على بياض..
في تدوينة قادمة أروي لكم تفاصيل أخرى عن جلستنا أمس مع أستاذنا علي الحشيشة ممّا يهم بشكل خاص نشأة الفرقة الموسيقية لإذاعة صفاقس.. وهي حكاية لا تخلو من تشويق..

زهير بن حمد
فرع صفاقس لجمعية قدماء الإذاعة والتلفزة التونسية.
صور مفيد الزواغي/ عمر بن قيراط

مواضيع ذات صلة