جيل تحت الضغط: حين يتحول التعليم من بناء الطفل إلى سباق للأولياء… أشرف المذيوب

جيل تحت الضغط: حين يتحول التعليم من بناء الطفل إلى سباق للأولياء… أشرف المذيوب

24 أكتوبر، 21:15

في زمنٍ كانت فيه المدرسة بيتًا للعلم والفضول، أصبحت اليوم ساحة سباق محمومة بين الأولياء، لا بين التلاميذ.
تسابقٌ غريب حول من يحصل ابنه على معدلٍ أعلى، ومن يُسجّله في أكثر عدد من الدروس الخصوصية، وكأن التفوق أصبح وسيلة للوجاهة الاجتماعية أكثر من كونه وسيلة للفهم والمعرفة.
تعيش تونس اليوم مفارقة مؤلمة: التعليم الذي كان فخرًا للأمة صار مصدر قلق دائم للأسرة.
منذ المرحلة الابتدائية، يُدفع الأطفال إلى دوامة من الدروس الإضافية، الواجبات، والضغط النفسي.
طفل في السابعة أو الثامنة يعيش يومًا أطول من يوم موظفٍ في وزارة، دون أن يُسأل عن رأيه، أو عن أحلامه الصغيرة التي تذوب بين الجداول الزمنية والمعدلات.
لقد تحوّل “التحصيل العلمي” إلى “سباق اجتماعي”، هدفه أن يُقال: ابني الأوّل في القسم.
لكن ما الفائدة من أن نحصل على أجيال تحفظ دون أن تفهم، وتنجح في الامتحانات لكنها تفشل في الحياة؟
النتيجة الطبيعية لهذا السباق هي جيلٌ متعب، خائف من الفشل، فاقد للثقة بنفسه، لا يرى في الدراسة سوى عقوبة مؤقتة، لا متعة دائمة.
التعليم الحقيقي لا يُقاس بالأعداد، بل بالقدرة على التفكير، بالإبداع، وبالإنسان الذي نبنيه من خلاله.
فحين يصبح النجاح رقماً على الورق، نفقد ما هو أهم: إنسان متوازن، يملك عقلاً حرًّا وقلبًا مطمئنًا.
إنّ إصلاح المنظومة التعليمية لا يبدأ من السياسات فقط، بل من داخل الأسرة.
حين يتوقف الأولياء عن مقارنة أبنائهم، ويبدأون بدعمهم وفق قدراتهم الفردية، حينها فقط سنبني جيلًا يُحب المعرفة لا يخشاها، ويسعى للتفوق لأنه يحب ما يتعلّمه، لا لأنه يخاف العقاب أو يسعى لإرضاء الآخرين.

مواضيع ذات صلة