حين خرجت غزة من جوف الأرض… عملية النفق التي قلبت موازين الحرب

حين خرجت غزة من جوف الأرض… عملية النفق التي قلبت موازين الحرب

20 أوت، 21:15

في زمنٍ اعتقد فيه الاحتلال أن غزة استسلمت للخراب، وأن تحت الأرض لم يبقَ سوى الركام والأنقاض، فجّر المقاومون مفاجأة غير مسبوقة. من رحم الحصار والدخان، ومن بين أنقاض البيوت المهدّمة، انبثق نفق يفتح بوابةً جديدة للحرب. لم يكن مجرّد ممرّ تحت التراب، بل كان شريانًا ينبض بالحياة والمقاومة.
خرج منه ما لا يقل عن خمسة عشر مقاتلًا فلسطينيًا، وجوههم متربة، عيونهم مشبعة بالإصرار، وأيديهم قابضة على سلاحهم كما لو كانوا يحملون قلوب غزة كلها. لم يخرجوا للفرار ولا للنجاة، بل خرجوا للذهاب إلى حيث الموت واقف بانتظارهم، ليقابلوه بشجاعةٍ قلّ نظيرها.
تقدّموا بصمت عبر الظلام، حتى بلغوا موقعًا للاحتلال في جنوب القطاع. هناك حيث تحصّن الجنود الإسرائيليون في منازل محصّنة، آمنين من أي مباغتة. لكن المفاجأة انطلقت من مسافة الصفر… رصاص يخترق السكون، وانفجارات تزلزل الأرض. سقط جنود الاحتلال قبل أن يدركوا كيف انقلبت المعادلة، وقبل أن تنفعهم التكنولوجيا أو الطائرات أو أبراج المراقبة.
وفي لحظة فارقة، اشتعلت المعركة أكثر: صواريخ مضادة للدروع أطلقت على دبابات “ميركافا”، تلك التي طالما روّج لها الاحتلال على أنها أسطورة لا تُقهر. فإذا بها تتحول إلى خردة محترقة، يعلوها الدخان واللهب، شاهدةً على أن إرادة الإنسان أقوى من أي فولاذ.
هذه العملية لم تكن مجرد هجوم عسكري؛ كانت صرخة من قلب غزة تقول:
“لسنا ضحايا ننتظر الشفقة، بل مقاتلون نملك زمام المبادرة.”
في هذه اللحظة، تغيّرت صورة الحرب: من قوة غاشمة تضرب شعبًا أعزل، إلى مقاومة تصنع معادلة الردع بأجسادها وعقولها وأسلحتها البسيطة.
هكذا، من تحت الركام، أعادت غزة تعريف معنى القوة. القوة ليست بعدد الطائرات ولا بتفوق الدبابات، بل بقدرة مقاتلين خرجوا من جوف الأرض ليكتبوا بدمائهم فصلًا جديدًا من تاريخ المقاومة.
ففي زمن يسوده اليأس، جاء هذا النفق ليذكّر العالم أن تحت الأرض حياة، وأن تحت التراب رجالًا يرفضون أن يُدفنوا إلا واقفين.

مواضيع ذات صلة