حين يصمت الصوت… لا تصمت المعاني….أشرف المذيوب
لم يكن أبو عبيدة مجرّد صوتٍ يخرج من بين الدخان،
كان يقينًا يمشي على الحروف،
وكان الكلمة حين تعجز المدافع عن الطمأنة.
كلّما اشتدّ القصف،
كنّا ننتظر صوته كما ينتظر القلب نبضه،
لا لنطمئنّ أنّ الحرب انتهت،
بل لنؤمن أنّها لم تكسر الروح.
كان يتكلّم…
فتسكت الفوضى،
وتهدأ الأسئلة،
وتستقيم العزائم المائلة من ثقل الوجع.
لم نرَ وجهه،
لكنّنا عرفناه أكثر من وجوهٍ كثيرة،
عرفناه في نبرةٍ لا ترتجف،
وفي وعدٍ لا يُقال إلا وهو مدركٌ لثمنه.
رحل الجسد،
أمّا الصوت فقد صار ذاكرة،
وصار موقفًا،
وصار درسًا في كيف يكون الرجال حين تضيق الأرض.
اليوم لا نرثي شخصًا،
بل نرثي مرحلةً من الثبات النادر،
ونودّع صوتًا علّمنا
أنّ الكرامة تُقال بهدوء…
لكنّها تُدوّي طويلًا.
سلامٌ عليك يا من قلت فصدّقنا،
ووعدت فصبرنا،
ومضيت…
وبقيت الكلمة حيّة،
أقوى من القصف،
وأبقى من الموت.
رحمك الله رحمةً واسعة،
وتقبّلك في الشهداء،
وجعل صوتك نورًا في ميزان الحق،
وسلامًا أبديًا على روحك الطاهرة.




