“خبر من فلسطين” : إسرائيل تجاوزت الحد…… (ج1)…لبنى حمّودة
“سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ” أولى القبلتين وثالث الحرمين هو اليوم على مفترق الطرق يحيط به الخطر من كل جانب, فإذا كانت الانتهاكات الإسرائيلية قد بدأت منذ احتلاله في 10 جوان 1967, ولم تتوقف يوما منذ ذلك الحين, فإن ما حدث ويحدث في المسجد بالتزامن مع حرب أكتوبر على غزة لا يمكن أن تقبله الأمة الإسلامية. إن إسرائيل بالتصعيد الخطير في مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم تمنع وتوجه سلاحها باتجاه صدر كل مسلم يحمل بين جنبيه قلب نابض بحب الله ورسوله العظيم, إن القدس ليست فقط قضية مركزية بالنسبة للمسلم, بل هي مقدس من مقدساته التي لا يهادن على حسابها, ولا يفاوض عليها أمة تحب السلام إذا جنحت إليه إسرائيل كما حدث مع حكومة رابين, لكنها أبدا ليست عاجزة عن الذود عن حرمة مقدساتها ومواجهة حكومة نتنياهو وبن غافير, إن المسجد الأقصى محسوم أمره بمقتضى معاهدة برلين سنة 1852, والتي أصبح بمقتضاها “الوضع الراهن” قانونا دوليا على الجميع احترامه أولهم إسرائيل.
المسجد الأقصى وتاريخ طويل من الانتهاكات الإسرائيلية
نصت معاهدة برلين سنة 1852 على احترام التفاهمات والاتفاقيات التي تحمي الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية واليهودية في مدينة القدس وبيت لحم, باعتبار تقسيم الملكية والمسؤوليات للمواقع المقدسة, ونص على ذلك صراحة الفصل 62 من معاهدة برلين حيث جاء فيه:” ومن المفهوم جيدا أن الوضع الراهن فيما يتعلق بالأماكن المقدسة لن يتأثر بأي شكل من الأشكال”, وحينما احتلت إسرائيل القدس في سنة 1967 أعلنت عن التزامها بالوضع القائم, حتى تتجنب غضب العالم الإسلامي والمجتمع الدولي, لكن الحقيقة التي لا يختلف فيها اثنان أن المسجد الأقصى ومنذ احتلاله تعرض لكل أنواع الانتهاكات أبرزها كان في 21 أوت 1969 عندما تسلل سائح أسترالي يهودي متطرف إلى المسجد الأقصى, وأضرم النار في أحد مصلياته, والتهمت النيران منبر صلاح الدين الأيوبي ومحراب زكريا ومسجد عمر, وتضررت 3 من أروقة الجامع وسقف الجهة الشرقية.
وفي الثمانينيّات تعرض المسجد الأقصى لعدة محاولات اقتحام من طرف يهود متطرفين, وقد نجح أحدهم في الوصول إلى مصلى قبة الصخرة, وأطلق النار على الموجودين وقتل اثنين من الفلسطينيين وجرح العديد منهم, أما في التسعينيات, فقد زادت حدة التصعيد عندما أعلن مجموعة من المستوطنين عن نيتهم وضع حجر الأساس لبناء الهيكل الثالث داخل المسجد الأقصى, وقتل آنذاك في عملية صد هجوم المستوطنين على المسجد الأقصى 21 فلسطينيا, وسميت بمجزرة الأقصى الأولى.
وإثر الإعلان عن فتح نفق في محيط المسجد الأقصى في 25 سبتمبر 1996 اندلعت هبة النفق, والتي قتل فيها 63 فلسطينيا, وسميت بمجزرة الأقصى الثانية.
بعد مجزرة الأقصى الثانية اندلعت شرارة الانتفاضة الثانية حينما اقتحم أرييل شارون باحات المسجد الأقصى سنة 2000, واتسمت بداية العشرينيّات بالتصعيد الأخطر وهو بروز مشروع إسرائيل لتهويد القدس, وفي 2010 وقع افتتاح كنس الخراب, والذي لا يبعد سوى أمتارا ليلة عن محيط المسجد الأقصى, وفي سنة 2015 أعلنت إسرائيل عن خطة التقسيم الزماني والمكاني للقدس, وأوقفت كل مشاريع الصيانة والترميم والإعمار للمسجد الأقصى, وعلى مدار سنوات الاحتلال لم تتوف الحفريات داخل المسجد الأقصى لعل أخطرها حفريات نفق عين سلوان سنة 2016, والذي يمتد من عين سلوان جنوبا إلى الزاوية الجنوبية الغربية من المسجد الأقصى.
أقدم 53 حاخاما كبيرا من مختلف الأطياف الدينية بعد حرب 1967على تحريم الدخول إلى المسجد الأقصى على وضعه الحالي, والذي يطلقون عليه اسم جبل الهيكل, لأنه يخالف قانون الطهارة لديهم, لكن جماعات المعبد وهي منظمات متشددة متطرفة لم تلتزم بقرار حظر الدخول إلى المسجد الأقصى, وعملت على فرض مشروعها في إقامة المعبد الثالث مكان المسجد الأقصى, وازدادت نفوذ جماعات المعبد بانضمامهم إلى الكنيست الإسرائيلي عن طريق الحاخام مئير كاهانا سنة 1984, وارتفع عدد النواب تدريجيا إلى أن وصل إلى حصولهم على 29 مقعدا في انتخابات نوفمبر 2022, وساعد ذلك جماعات المعبد في استكمال مشروعهم المزعوم عن طريق التأسيس المعنوي للمعبد, بفرض طقوس توراتية في باحات المسجد الأقصى ومحاصرته وتثبيت مسارات التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى.
لبنى حمودة