رحم الله الفاضل الجزيري…ورحمنا…الفة يوسف

أنا لا أرى في رحيل الفاضل الجزيري رحمه الله رحيل شخص، بقدر ما أرى فيه وجها من وجوه رحيل مرحلة في الثّقافة التّونسيّة…مرحلة بدأت في السّتّينات ويستمرّ عطاء بعض جنودها إلى اليوم…
لا يمكن أن لا تتذكّر رجاء بن عمّار والحبيب المسروقي والفاضل الجعايبي وجليلة بكّار وتوفيق الجبالي وزينب فرحات والمنصف الصّايم وعزّ الدّين المدني وعبد الرّؤوف الباسطي وأسماء كثيرة أخرى، رحم الله تعالى من رحل منهم ومتّع الباقين بالصّحّة والعافية…
هو الجيل الّذي فتحت عينيّ على إبداعاته وتعلّمنا منه الكثير…يوم كان للثّقافة معنى كبير وللحلم ببناء إبداع تونسيّ مكانة عالية…
ولا شكّ أنّ كلّ جيل يترك بصمة ولا شكّ أنّ كلّ مبدع في أيّ مجال يبقي أثرا…لكن لا شكّ أيضا أنّ تلك المرحلة لم تشهد ترذيل الإبداع ولا السّخرية من النّخب ولا الاستهانة بالفعل الثّقافيّ…
لم يكن انهيار التّعليم في تونس بمعزل عن انحدار الثّقافيّ…وإنّي أثمّن شجاعة المبدعين الشّباب والكهول يحاولون بناء رؤية مختلفة وإبداع متميّز رغم السّوشيال ميديا وتفاهة جلّها، ورغم انتشار الشّعبويّة في العالم واحتفائها بالبذاءة والرّداءة والجهل…
ليحظ هذا الجيل بتشجيعنا واحترامنا…فالأمم لا تبنى بالكره والسّخرية والتّنمّر…
رحم الله الفاضل الجزيري…ورحمنا…