رفقة الأستاذ علي الحشيشة..(2)….زهير  بن حمد

رفقة الأستاذ علي الحشيشة..(2)….زهير بن حمد

9 ديسمبر، 21:15

في حضرة الاستاذ علي الحشيشة الإمتاع والمؤانسة على قول أبي حيّان التوحيدي مضمنونان.. أمٌا البشاشة والإبتسامة فتلكما من نافلة القول..
لمًا استدعانا يوم الخميس 4 ديسمبر 2025 إلى فضائه الموسيقي الثقافي، كنا نتطلع إلى أن يحدثنا عن الفرقة الموسيقية لإذاعة صفاقس وعن ظروف إنشائها وعن ٱبائها المؤسسين، حتى ندقّق ما هو حاصل لدينا من معلومات ونستزيد، فكان الحديث يأخذنا، والحديث ذو شجون، إلى هذا وذلك .وهذه وتلك، هنا وهناك وكلّ ذلك ممّا لا تملّ سماعه..
ولمّا عدنا به إلى يوم 8 ديسمبر 1961, تاريخ نشأة إذاعة صفاقس، وإلى ذلك الحفل الرائع الذي أقامته فرقتها الموسيقية الناشئة معها ، في ذلك اليوم بالذات على ركح المسرح البلدي بصفاقس، علمنا منه ان الحفل الذي صفّق له الأستاذ الشادلي القليبي المدير العام للإذاعة التونسية، رجل اللإعلام والثقافة في تلك الفترة وعبد العزيز عيش المدير المؤسس ومن كان معهما يوم التدشين، ما كان له أن يكون في ذلك المستوى الفني، عزفا وغناء و أداء.. لولا ما سبق ذلك من تدريب وتلقين، ليل نهار قبل شهور وأسابيع من حلول اليوم الموعود.
يومها، كانت المطربة صفوة من بين مفاجٱت الفرقة الموسيقية لإذاعة صفاقس، وهي تغني بصوتها العذاب وحضورها الفارع” ردّ بالك ردٌ.. لا يشوفكش حدّ “, كلمات المنصف الخويني ألحان أحمد حمزة..
كان نجاح صفوة ، ممٌا أسعد كثيرا الأستاذ علي الحشيشة وكيف لا يسعده نجاحها وهو الذي اكتشف موهبة تلك الشابة التي كانت تسمّى حميدة القرقوري وكانت تشتغل مضيفة في سنما الهلال رفقة فلورنسا صديقتها الصفاقسية الإيطالية..
سي علي الحشيشة سمعها تردد واحدة من أغاني الأفلام، فأعجب بصوتها ودعاها إلى الفرقة الوترية التي أنشأها سنة 1959 عندما كان مديرا فنيا للمعهد العصري للموسيقى والتمثيل، سليل الجمعية العصرية الموسيقى وهي جمعية ماجدة تأسست سنة 1920.
صوت ٱخر اكتشفه سي علي الحشيشة صدفة وهو يتجوّل على رصيف ميناء شط القراقنة، وبمساعدة أحمد حمزة وموافقة عبد العزيز عشيش، تم في ظروف مثيرة انتشال صاحبته ممّا كانت فيه لتُمنح فرصة ثمنية لتلتحق بالوسط الفني ضمن فرقة حكومية محترمة..
إلى جانب اكتشاف المواهب، لعب سي علي الحشيشة، وإذاعة صفاقس في طور التأسيس، دورا مهما في تشكيل الفرقة الموسيقية عبر تجميع العازفين وإقناع الكثير منهم بترك مهنهم الأصلية والمجازفة بالالتحاق بها.. كما لحّن في تلك الفترة عددا من الأغنيات بينها ” يا طاير في الجوّ العالي” التي أشتهر بها قاسم كافي، كلمات قاسم الشريف..
أثنى سي علي الحشيشة كثيرا على المرحوم الفنان محمد علولو عازف القانون والعود والمندولين الذي كان سندا كبيرا لأحمد حمزة عندما دُعي هذا الأخير من العاصمة ليترأس قسم الموسيقى ويقود الفرقة الموسيقية، فقبل التحدي وعمل في ظروف صعبة وكسب الرهان.
ولمّا تحدثنا عن شيخ الفنانين محمد بودية ودوره التاريخي في حفظ نوبات التراث الموسيقي الصّوفي، سارع الأستاذ علي الحشيشة إلى إبراز اسم الشيخ امحمد بركية، ٱخر شيوخ الطريقة العوامرية، بصفته ” العضد الأيمن والملقن والمرجع ” للشيخ محمد بودية في تسجيلاته الإذاعية..
الفنان محمد الجمّوسي لم يكن غائبا تماما عن تلك الأجواء وقد كانت إحدى إطلالاته حاسمة ليكتشف الناس طفلا موهوبا اسمه مبروك التريكي وقد من عليه الجمّوسي بأغنية العمر ” يطوّل عمر يا أميمة يا حنينة..”
طبعاً ان نذكر هذه القامات ” لا ينقص شيئا من قيمة كوكبة أخرى من أسماء البدايات، شعراء ومؤلفين، مغنين وعازفين وملحنين، رجالا ونساء، ولا من قيمة من ٱل إليهم إرث الفرقة الموسيقية وفرقة الفنون الشعبية بعد ذلك فأجزلوا العطاء و عانقوا الإبداع وحازوا الشهرة وحصدوا الجوائز قبل أن يصبح كل ذلك في يوم من الأيام من الماضي..
زهير بن حمد
فرع صفاقس لجمعية قدماء الإذاعة والتلفزة التونسية.
5 ديسمبر 2025

مواضيع ذات صلة