رمضان شهر القرآن
هناك سرّ خاصّ في الصوم ربّما يتفوّق به على الصلاة وهو أنه بلا رياء حتى إنّ الله جلّ وعلا قال في حديث قدسي : “كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به” (البخاري). فالصيام فيه رقيّ يلامس الروح التي تبدو صابرة وصافية ونقيّة وممتثلة لأمر ربّها طيلة اليوم مع قدرتها على الفطر بعيدا عن أعين الناس وكذلك يمكن أن يصوم أحدهم دون أن يخبر الناس على عكس الصلاة والحجّ اللّذَيْن قد يصاحبهما شيء من السمعة والرّياء ويكونان في وقت معيّن وبطقوس معيّنة قد لا تمسّ قلب الإنسان مباشرة…
أما القرآن فهو من أجمل ما بقي لدينا من تعاليم الإسلام إن لم يكن أجملها على الإطلاق وهو نصّ بلاغي روحاني جميل البيان عذب الألحان وراقي المعاني، فعلينا قراءته وتدبّره بعيدا عن بعض التأويلات التي تجانب الصواب والتي قد تجعل من آية تسامح آية قتال، وبعيدا عن التصنع والمبالغة في تلحين الصوت حتى ينشغل بتزيين التلاوة عن المعاني النبيلة… وعلى الإنسان ألّا يتأثّر بتعصّب بعضهم لرواية دون أخرى، فلتقرأ بالرواية التي ترتاح لها نفسك، مع أنّنا كنّا نتمنّى أن تكون لنا رواية واحدة يجتمع عليها كل المسلمين كما جمعنا عليها سيدنا عثمان رضي الله عنه… إنّ القرآن نور وهداية وحكمة وبلاغة وسكينة وسماعه قد يكون أحيانا أفضل من قراءته والمرء بالخيار. وعلى الإذاعات والتلفزات أن تعطيه الحيّز الذي يستحقّ خاصة قبل المغرب إذ كانت القناتان الوطنيتان قبل 2011 تخصصان ربع ساعة للقرآن قبل الإفطار وذلك أضعف الإيمان…
وفي هذا كله علينا أن يكون عملنا خالصا لوجه الله وفي حديث شريف : “أكثر منافقي أمتي قرّاؤها” (أحمد) وفي حديث آخر ما معناه أن أوّل النّاس يقضى فيه يوم القيامة رجلٌ قال : قاتلتُ في سبيلك حتى اسْتُشْهِدْتُ فقال : كذبتَ إنّما أردتَ أن يقال فلان جريء فقد قيل، ورجل قال : تعلّمتُ العلمَ وقرأتُ القرآن وعلّمتُه فيكَ فقال : كذبتَ إنّما أردتَ أن يُقال فلان عالم وفلان قارئ، ورجل قال : ما تركتُ من سبيل تحبّ أن تُنفق فيه إلا أنفقتُ فيه لكَ قال : كذبتَ إنما أردتَ أن يقال فلان جواد فقد قيل فأمر بهم فسُحبوا على وجوههم حتّى ألقوا في النّار. (مسلم)
سامي النيفر