
سوزان تميم… الفنانة المغدورة في عزّ شبابها
الفنانة اللبنانية المسلمة سوزان تميم عاشت حياة تعيسة ومضطربة… بدأ الأمر بطلاق والديها ثم قسوة أبيها معها وحرمانه لها من أمّها ثمّ انقطعت عن الدراسة في كلية الصيدلة تحت تأثير زوجها الأول واتّجهت للفن وقد تحصلت على الميدالية الذهبية في برنامج “ستوديو الفن” سنة 1996 وأصبحت مرتبطة بعَقد مع صاحب البرنامج “سيمون الأسمر” لمدة 10 سنوات…
وفي الأثناء، بدأ زوجها يستغلها ماديا ويحاول أن يربطها بعقود احتكارية ليدير أعمالها ولمّا طلبت منه الطلاق رفض ولم يقبل إلا بعد أن دفع له عادل معتوق مبلغا هامّا بالإضافة إلى دفعه الشرط الجزائي لفسخ العقد مع ستوديو الفنّ… ولكنّها سرعان ما وقعت في فخّ آخر لمّا تزوّجت عادل معتوق متعهّد الحفلات بباريس ووقّعت معه عقدا احتكاريا ب15 سنة ولمّا رفضت الرضوخ لشروطه منعها من السّفر ومنع بثّ جميع أغانيها رغم أنّها بدأت تشتهر آنذاك فتوقّفت إنتاجاتها إلى أن تعرّفت على رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى وهو نائب بالبرلمان المصري الذي خلّصها من عادل معتوق ودفع له ليطلّقها ويفسخ العقد..
ولم تكن المسكينة تعلم أنّها ستكون مطمعا لهذا المتنفّذ الذي أراد الزواج منها بأي طريقة وكان يمنّ عليها دائما بما دفعه من مال… وأمام إعراضها عنه أصبح يهدّدها بالقتل وقال لها في إحدى المرّات : “إمّا أن أدفع لكِ 50 مليون دولار للزواج منكِ أو أدفع مليون دولار لقتلكِ !”
وأمام هذه التهديدات المريعة، هربت إلى لندن ومن ثمّ إلى دبي وكانت تعيش وحيدة ولا تفتح باب الشقة إلا بعد أن تتثبّت من خلال الثقب. وعلى الساعة الثامنة والنصف صباحا من يوم 28 جويلية 2008 الموافق ل24 رجب المحرّم، قبيل ذكرى الإسراء والمعراج، طرق بابها شخص يدّعي أنه مندوب عقارات سيقدّم لها أوراق ملكيّة لتمضيها، وأظهر لها علامة الشركة العقارية من خلال عين الباب.
ولكن ما إن فتحت له، حتى باغتها القاتل المتخفّي بلكمات وأسقطها أرضا رغم مقاومتها له وذبحها بوحشية حتى فارقت الحياة وهي في عمر الزهور ولم تتجاوز بعد سنّ الثلاثين. وقد نجحت شرطة دبي في حل اللغز سريعا. في البداية حُكم في مصر على هشام طلعت مصطفى المحرّض ومحسن السّكّري منفّذ الجريمة (وهو ضابط أمن) بالإعدام، ولكن أسقطت عائلة المغدورة سوزان تميم دعواها المدنيّة، ثمّ خُفّف الحكم إلى 25 سنة سجنا للسكري و15 سنة لطلعت مصطفى.. وأسوأ من هذا كله، تمّ العفو عن المجرمَيْن : المحرّض والمنفّذ في 2017 و2020 وهما الآن حرّان طليقان ويمارسان أنشطتهما ويعيشان حياة عاديّة…
سوزان تميم ضحية تَزَاوُجِ الفنّ مع السياسة وتشابك العلاقات وخلافات في المال والمادّيّات وهجرة وشتات بين لبنان ومصر ولندن ودبي.. سوزان ضحية إهمال العائلة والأب لها حيّة وميّتة.. سوزان ضحية عدم أخذ شكاياتها في لندن والقاهرة بجدية عندما أخبرتهم بتهديدات هشام طلعت مصطفى قبل مقتلها..
سوزان طاقة صوتيّة جبّارة حرمنا من صوتها الدّافئ وروحها الطيبة المرحة… كل من سمع أغانيها أو الأغاني التي أدتها لوردة الجزائرية ونجاة الصغيرة وشادية يعلم طول نفسها الغنائي وقدراتها الصوتية العالية التي لم يمهلها الزمن لتفجيرها…
من أهم أعمالها : “ساكن قلبي”، “وينه حبيبي”، “ما بتلاحظ”، “يصعب عليّ”، “لا أنا”، “أنا اللي عاشقاك”، “أنا كده لمّا أحبّ”، “اطلب عينيّ”، وآخر أغنية سجّلتها كانت بعنوان “بيروت الأحبة” سنة 2006 بمناسبة مرور سنة على اغتيال رفيق الحريري.. كثير من إنتاجاتها كانت معبّرة عن حياتها من ذلك قولها : “كنت واهب لك حياتي، كنت عمري وروحي فيك، كنت أغلى ذكرياتي، لولا طبع الغدر فيك” في موسيقى “لا أنا”…
سوزان تميم، قصّة مطربة شابّة طموحة، مليئة بالنشاط والحيوية، روحها نقيّة وتصرفاتها تلقائية.. لم تفرح بشبابها ولا بحياتها…
لقيت حتفها وما لقيت حقّها الذي حتى إن ضاع في محاكم الدنيا الظالمة فإنه لا يضيع أبدا عند الله الوكيل المنتقم…
رحم الله المطربة المظلومة المغدورة سوزان تميم وأسكنها فراديس جنانه وعوّضها خيرا عمّا عانته في دار الفناء.
سامي النيفر