صفاقسْ نائب سابق يتوجه برسالة إلى الوالي ويصف نشاطه الأخير ” بردّ فعل شعبوي وانتقامي “

صفاقسْ نائب سابق يتوجه برسالة إلى الوالي ويصف نشاطه الأخير ” بردّ فعل شعبوي وانتقامي “

12 افريل، 22:40

‎ رسالة مفتوحة إلى السيد والي صفاقس
‎سيدي الوالي،
‎اخترت أن أوجّه إليكم هذه الرسالة المفتوحة، علّها تكون وسيلة غير مباشرة للتواصل، في ظل صعوبة اللقاءات المباشرة، وحرصاً مني على التعبير عن رأي مواطن غيور على جهته، يؤمن بالحوار ويأمل في التغيير.
‎بداية، أود أن أؤكد أنّني لا أعرفكم شخصياً، رغم أنني حضرت مناسبتين أشرفتم فيهما على لقاءات نظمتها وزارة البيئة. ولم أكن من أولئك الذين سارعوا إلى نقدكم مع بداية تنصيبكم، لأنني أدرك جيّداً حجم التحديات التي تواجهها هذه الجهة، في ظل تراكم الإحباط وتعمق شعور التهميش وعدم الاكتراث من طرف السلطتين الجهوية والمركزية.
‎وقد استمعت في أكثر من مناسبة إلى بعض تدخلاتكم، وتولّدت لديّ قناعة أولية بأنكم تمثلون نموذجاً لمسؤول شاب، غير تقليدي، قد يحمل بين يديه مفاتيح لتحريك الملفات الراكدة، وإعادة الأمل إلى صفاقس وسكانها، رغم ضعف الدعم المركزي المزمن.
‎لكن للأسف، ما تابعناه مؤخراً من تحركات على الميدان، وخصوصاً ما جرى أول أمس، شكّل صدمة للكثيرين. فقد بدا، في ظاهره، أنكم بصدد تطبيق القانون على بعض المقاهي التي تحتل الأرصفة دون وجه حق، وتمنع المترجل من ممارسة حقه في التنقل الآمن، وهو ما يُعتبر – في الأصل – تحركاً إيجابياً ومطلوباً.
‎غير أن القراءة الأعمق لما جرى، تُظهر أن الأمر كان أقرب إلى ردّ فعل شعبوي وانتقامي، موجّه ضد بيان نقدي أصدرته الرئاسة الجهوية لنقابة الأعراف، سلّط الضوء على مشاكل الجهة وتراكمات التقصير الرسمي في معالجة الملفات الكبرى ودفع المشاريع المعطلة.
‎بتواضع، ومن منطلق الواجب، أسمح لنفسي بإبداء هذا الرأي لأنني، خلال مسيرتي النقابية والمدنية والسياسية، تحملت مسؤوليات وتواصلت مع عديد المسؤولين، سواء على المستوى الجهوي أو المركزي، وأعرف جيداً ما يدور في كواليس هذه المواقع. وقد اشتغلت مباشرة مع عدد من الولاة الذين تداولوا على صفاقس، لذلك حاولت التفاعل معكم، لأنني – مثل غيري – شعرت بالأسف، وربما بالإحباط، تجاه بعض السلوكيات التي لم تكن في مستوى انتظارات أبناء الجهة.
‎لقد تحوّلتم، في تلك اللحظة، من مسؤول يُراهن عليه كثيرون إلى صورة نمطية لمسؤول يميل إلى استعراض القوة واستعمال أدوات الضغط، في مشهد افتقد للحكمة والرصانة، وكان بالإمكان إدارته من مكتبكم، عبر آليات الحوار والتنسيق، دون الحاجة إلى تصعيد ميداني يبعث برسائل خاطئة.
‎سيدي الوالي،
‎ما نأمله منكم اليوم، ليس الاستجابة الانفعالية للنقد، بل مراجعة هذا التمشي، والانصات الحقيقي لصوت الجهة وأهلها. فالمسؤوليات عابرة، والصورة التي يتركها الإنسان في منصب كهذا هي التي تخلّد أثره. نريد أن نتذكّركم كواحد ممن أحدثوا الفرق، ممن احترموا عقول الناس ولم يغلبوا الاستعراض على الحكمة.
‎صفاقس اليوم لا تحتاج إلى الشعارات، بل إلى إدارة فعالة، تنصت وتُبادر، تبني ولا تهدم، توحّد ولا تفرّق، وتعيد للمواطن ثقته في الدولة ومؤسساتها.
‎مع خالص التحية والاحترام،
‎مواطن من صفاقس يؤمن بالإصلاح والكلمة الصادقة
جلال بوزيد

.

مواضيع ذات صلة