صفاقس : تنامي ظاهرة العُزوف عن الزواج

صفاقس : تنامي ظاهرة العُزوف عن الزواج

7 جانفي، 20:00

لا يخفى على أحد تنامي ظاهرة العزوف عن الزواج لدى الشباب وذلك لعوامل أكثرها مصطنعة وحواجز أغلبها مفتعلة… فقد تجد طبيبة كاملة الأوصاف تتزوج في الثانية والعشرين بينما تجد شابة عادية تتحاشى الزواج وتتعلل بأن الوقت مازال مبكّرا.. وكذلك يفعل كثيرون وكثيرات من الذين يريدون “الاستمتاع” بوقتهم ويعتبرون أن العرس سجن وقيد وحدّ من الحرية وهم في الحقيقة متهربون ومتهربات من المسؤولية… إنها مسألة أمن قومي غابت عن أذهان الأئمة والإعلام وعلماء النفس والاجتماع والجامعيين والمثقفين بل لعل من بينهم من يساندها حتى إن بعض “النساء” يعلّلن ذلك بالاستقلالية وعدم حاجتهنّ لرجل يثقل عليهنّ وينغّص معيشتهنّ…

وهنا نتحدث أيضا عن نقص في المشاعر والرومنسية لدى بعض الناس ذكورا وإناثا وهم يرون ذلك ضعفا في الشخصية وبالتالي فليس هناك حبّ ولا إحساس في زمن المادّة والمشاعر البلاستيكية… لنصل إلى مشكل آخر عويص وهو الشروط التعجيزية والمهور الخيالية والرغبة في قصر الدهشة وسيارة فخمة ومجوهرات مكنونة وأثاث فاخر وزرابي مبثوثة وصولا إلى السؤال عن الملكية والراتب والشهرية لتتحول العملية في النهاية إلى صفقة تجارية.. هذا لمن وصل للتفكير في الزواج أصلا…

فإن بعض الشبان والشابات ليست لديهم رغبات مادية ولا معنوية في بناء علاقات جدية ويخيرون الاستمرار في “حريتهم” ويخافون المسؤولية كما يخافون تدخل الأهالي المشطّ والذي يفسد العلاقات الزوجية بصب الزيت على النار فمن تزوج الفتى أو الفتاة فكأنما تزوج من العائلة جميعا ! كما أنهم يرون فشل العلاقات أمامهم وكثرة الخصام والطلاق لأسباب أغلبها تافهة وتعود إلى قلة النضج ونقص في التكوين النفسي والتربوي حتى ينشأ الأطفال أيضا غير متوازنين… فنحن لم نعد نحسن التصرف بحكمة ورزانة مع الطرف الآخر…

وأمام كل هذه المعوقات لا نجد شخصا حكيما يصلح ما فسد في هذه المسألة الدقيقة والهامة لأن إقامة رباط مقدس وتكوين أسرة سليمة من دعائم المجتمع الناجح المتوازن… وقد تبدّلت العقليات حتى إن زواج شيخ في السبعين يملك شيئا من متاع الدنيا أسهل بكثير من زواج كهل في الأربعين… ثم إننا لا نهتمّ بالسنين بل نتفرّج عليها وهي تجري فبالنسبة إلى المجتمع العصري مازال الشاب والشابة صغارا ومازال الوقت مبكرا حتى بعد تجاوز الثلاثين !!!! وكل هذا خطير جدا ويحتمل إحدى تفسيرين إمّا أنّنا لم تعد لدينا رغبات طبيعية وأحاسيس من سنن الله في كونه أو أننا نكبتها ونصرفها في الحرام والمجتمع لا يبالي بل يشجع على ذلك ! لهذه الأسباب وغيرها، يعزف الشبان عن العرس وربما يفضلون الحرقة والزواج بأوروبية جميلة بسيطة لا يتدخل أهلها في شؤون الآخرين ولا تسأل عن الماديات وتقوم بالواجبات… 

سامي النيفر

مواضيع ذات صلة