صفاقس : كوارث بيئية عديدة من أهمّها في قصّاص كم 11

صفاقس : كوارث بيئية عديدة من أهمّها في قصّاص كم 11

25 أكتوبر، 08:00

تعيش صفاقس وضعا بيئيا حرجا منذ القدم وقد تفاقم مع الزمن خاصة في العشرية الأخيرة.. ولعلّ هذه الصور الملتقطة في قصّاص كم 11 بين طريقي تونس وقرمدة تعبّر ولو قليلا عن الكارثة التي نحيا وسطها.. كارثة لا شكّ أنّ المركز والولاية والبلدية مسؤولة عنها ولكن المواطن أيضا يفعل أفاعيله بلامبالاته وقلّة وعيه.. لا شكّ أنّ حيّ الأنس وما جاوره منطقة منكوبة وهي تحقّق منذ سنوات أرقاما قياسية في عدد الذباب الذي له علاقة حميمية بالإنسان في هذه البقعة من صفاقس ويلازمه مثل ظلّه واسألوا عن المعاناة التي يعيشها من يسكن حذو المعهد العالي للإعلامية والملتميديا بالإضافة إلى الكلاب السائبة المنتشرة هناك وحتى في زنقة الكرّاي والجرّاية وغيرها..

وفي كل الحالات، هذه ليست إلّا عيّنة من التّلوّث الرهيب الذي يحصل في تونس بصفة عامّة وفي صفاقس بصفة خاصّة.. قصّاص كم 11 يفترض أنّه طريق سياحية تربط بين شرق المدينة وغربها ويعبرها الزائرون داخل وخارج حدود الوطن للتنقل إلى ولايات أخرى ويُفترض أنّه يسهّل العبور بين طرق الولاية. وعلى هذا الأساس، يُفترض أنّه ممرّ رئيسي جذّاب تسهل السياقة فيه وتحلو ولكن عدد حوادث المرور هناك كبير وحالة الطريق أحيانا رديئة وهناك معابر عشوائية أحدثها المتساكنون لم تجعل منه مسارا ذا اتجاه واحد.. والأدهى والأمرّ الحالة البيئية الكارثية التي تدمي كل قلب سليم أو حتى نصف سليم يحسّ بأوجاع الوطن وأنّاته بعيدا عن المادّيّة واللّامبالاة التي طبعت الحياة “العصريّة”.. على حواشي الطريق، توجد قمامة وفواضل بناء ومصانع وحجارة وعجلات مطاطية وأكياس بلاستيكية..

أمّا الأرض فقد جفّت بسبب التغيرات المناخية التي لا تلقى منّا الاهتمام اللّازم علما أنّ ملك بريطانيا الحالي كان قد كتب عنها كثيرا قبل أن يتولّى العرش.. ولقد هجرها السكان وقلّت عنايتهم بها وأصبحت شبه مصبّات والنتيجة موت أشجار الزّيتون واللوز وغيرها أو شحوبها في أحسن الحالات وكان بالإمكان تنظيف الأرض واقتلاع الأشجار الميّتة والقيام بحملات تشجير ولكن لا حياة لمن تنادي.. والمؤسف أنّ بعض البلديات عندما تقرأ نقدنا تتّهمنا بالكذب أو تشويه السمعة وتردّ بالبهتان وبالسب والاتهامات والحال أنّنا لا نقوم إلّا بنقل واقع مرير نلوم فيه المواطن قبل الدّولة.. من جهة أخرى، لا ندري أين المجتمع المدني والمثقّفون من كل هذا ؟

أيمرّ من هذه المسالك متفقّدون وأساتذة جامعيّون وأكاديميّون ومنخرطون في جمعيات ؟ ليتني كنتُ جمعية بيئية فأعمل وأنجز عوض الكلام و”التبهبير”.. كيف يسكت هؤلاء عن كل هذه الجرائم البيئية ؟ الوضع يفترض منّا جميعا وقفة حازمة من أجل إنقاذنا من الآفات التي تتربّص بنا وإنّ العيش في محيط سليم لهو أهمّ من القصور والأموال والسيارات الفارهة والبهرج والفخرة لو كانوا يعلمون.. حتى نفسيّتنا وأخلاقنا ستتحسّن إن نظّفنا المحيط، فالقلب سيصبح أكثر سرورا وانشراحا وأذواقنا ستتطوّر نحو الأفضل..

علينا أن ننقذ بلدنا ومدينتنا من هذه الكوارث البيئية إن كنّا حقّا نحبّ تونس ونحبّ أنفسنا والأجيال القادمة وأن نعود للاعتناء بالأرض التي نشأنا منها ونحن المخلوقون من تراب والعائدون إليها في النهاية وأن نتخلّى عن النظرة الفوقية للعمل اليدوي فهل يعقل أن يمسك المهندس أو الجامعي بالمشط الحديدي والرفش ويزيل القمامة ويخدم الأرض ؟ لا، لأنّه مذخم ويجب ألّا يشوّه يديه مثلما يفعل الأوربيون واليابانيون.. نحتاج إلى هبّة عاجلة والصور تغني عن كل تعليق وما هذا سوى غيض من فيض..
سامي النيفر

مواضيع ذات صلة