
صفاقس : ليسوا كلهم سيّئين ولكن الأفارقة احتلّوا بعض أرجاء المدينة الحفّارة مثالا
لطالما دعا الكثيرون لفتح ملف وجود الأفارقة الغريب والمريب في المدينة.. ولعلّ الأسئلة الأكثر أهمية في الموضوع هي : من جاء بهم ؟ ولماذا ؟ ومقابل ماذا ؟ لأننا نبحث عن الحيتان الكبيرة وليس عن بيادق عبثت بهم الحياة وكانوا هم أيضا ضحايا للاتجار بالبشر تماما كما يحصل لأولادنا أحيانا في بلدان أجنبية.. بل ربّما كان حال الأفارقة أشدّ بؤسا فهم يشتغلون كالعبيد في حضائر البناء والمطاعم وتنظيف الشوارع وغيرها من الأعمال الشاقة وهذا ما لا يرضى به أبناء البلد..
الطريف أن بعضهم يشتغل في تنظيف مسجد دون أن يعطوه شربة ماء وبعضهم يشتغل في جني الزيتون دون أن يعطوه حتى خبزا.. يتنقّلون في ظروف صعبة على أقدامهم أو في شاحنات ويعملون من ساعات الفجر الأولى حتى الليل.. أبناؤهم مشرّدون ولا يعرفون كيف سينشؤون، بنو قارّتنا من الأمراض والعنصرية والفقر وغموض المصير يعانون، وفي ظروف قاسية جماعات بالعشرات يقيمون، وصاحب المحلّ طردهم ونزع لهم الحنفية وبيت الراحة دون أن يعيد لهم ثمن الكراء الذي دفعوه له.. كل هذه الحقائق علينا إيرادها للأمانة كما علينا أن نحلّ هذا المشكل جذريا فمن جهة هم ضحايا ومن جهة بعضهم يمثّل خطرا أمنيّا..
والحل في كشف ملفّ تسفيرهم وتسفير أبنائنا إلى أوروبا أو سوريا وغيرها.. ثم إعادة كل إلى بلده أو تأمين حياة كريمة للبعض منهم في بلد الإقامة (أتحدّث عن الأفارقة وعن أبنائنا) “إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان”.. ومع ذلك، نورد هذه الصورة التي نستطيع أن نصفها بالمخيفة من الحفّارة حيث يجتمع بعض الإخوة الأفارقة كل مساء للعب الكرة.. والمارّ من المكان قد يحسّ أنّه هو الغريب أو أنّ هناك من احتلّ رمزيّا حيّه. بل للحظة يتخيّل أنّ عددهم قد يصبح أكثر من عدد السكان الأصليين.. فيهم المظلومون وفيهم الظالمون، ولكن ما لا نشكّ فيه هو أنّ من أتى بهم ظالم مبين، وعلينا أن نحاسبه لأنّ وجود بعضهم قد يتسبّب في كوارث على المدى المتوسّط أو البعيد.
سامي النيفر