عبد الكريم قطاطة : ما يحدثُ في إذاعة الديوان مُخجل جدّا
الشجرة والعواصف …. كلمات لاهلي في ديوان اف ام ….. انا كثيرا ما اشبّه المؤسسة الاعلامية بالشجرة والشجرة في بداية نشأتها تحتاج لرعاية دائمة حتى تنمو ويصبح عودها صلبا ..والشجرة لها خصائصها …فشجرة الزيتون لن تنتج يوما برتقالا او اجّاصا ..هذا يعني انّ من غرسها يدرك جيّدا مآلها ..
ويعلم جيّدا من خلال درايته بالاشجار ما ينتظر منها ومن ثمارها …هذا المثال عندما نسقطه على ايّة مؤسسة نجده فيما يسمّى بخطّ تحريرها …والخطّ التحريري هو جذع الشجرة ..والشجرة قد تغيّر اوراقها وتلك سنّة التطوير والصقل ولكن اذا غيرت جذعها تكون قد انسلخت من كينونتها فحكمت على نفسها امّا بالاندثار والموت او _ بالتلقيم _ لارتداء كسوة اخرى ومناهج اخرى وآليات اخرى ..
والتلقيم في المعجم الفلاحي هو مثلا ان تلقّم شجرة اجاص على شجرة تفاح ..اي تحويلها من اجاصة الى تقاحة ..والنتيجة حتمية انّ الحصيلة شجرة ثمارها لا هي بالتفاح ولا هي بالاجاص والمثل الشعبي عندنا يقول _ كلّ منقّلة مذبالة _ ..
وفي رواية اخرى شجرة شركيّة نسبة الى العلوش الشركي اللّي لاهو بلدي ولا هو غربي … اي هجين ..لنكن متفقين على انّ التحولات التي ظهرت في دنيا الاعلام المسموح بغثّها وسمينها وغثّها اكثر من سمينها اجبرت العديد من الاذاعات على التاقلم مع هذا الواقع الجديد وخاصة منها الاذاعات الخاصة ..
ولعلّ ابرزها تحكّم الاشهار والسبونسورينغ في تعديل برمجتها وهي مجبرة على ذلك حتى تعيش ويعيش من فيها …ولكن وهنا يطرح السؤال…هل هذه المتغيرات مبرّرا لتخضع هذه القنوات الاذاعية لمنظومة الجمهور عاوز كدة ؟ وهل هنالك حلول اخرى لضمان ديمومة هذه القنوات حتى توجد المعادلة بين رسالتها الاعلامية النبيلة وضمان قدر كاف من المداخيل المادية لربح معركة الوجود ؟؟؟ا… اكتب هذه التدوينة كتعليق عمّا حدث منذ مدّة في اذاعة الديوان … دعوني في البداية اذكّر ما قلته فيها .وبكلّ عرفان .
انا لم ولن انسى جميلها عليّ يوم دعتني كي اكون متعاقدا معها بعد سنوات من قطيعتي مع المصدح … ثم انا تحاورت منذ البداية مع اناس جمعتني بهم مجموعة من المواثيق . والمبادئ …ومن اجل ذلك لم اناقشهم اطلاقا مادّيا في البرامج التي ساهمت فيها _قلعة الاجداد .. الدوسي .. والبيلان … بل وهذا يعرفه البعض من عائلة الديوان انّي رفضت الامضاء على عقدي المادّي في برنامج البيلان وعندما سألوني عن سبب رفضي بُهتوا وانا اجيبهم ..انا لا استحق قيمة العقد ماديا واعتبر نفسي سآخذ اكثر مما استحقّ ؟؟
ولكن وللامانة ايضا هددتهم يوما بالاعتصام بمقرّ اذاعة الديوان بعد مماطلات عديدة للحصول على مستحقاتي المادية وتحديدا بعد 25 جويلية … لماذا بعد 25 جويلية بالذات ؟؟ هنا بيت القصيد .. احسست ثم تيقنت انّ اذاعة الديوان زاغت عن خطّها التحريري … قد اكون مخطئا في تقديري ولكن انا عنيد جدّا في مواقفي لذلك قررت الابتعاد عن مصدح الديوان ربما لقيها البعض من مسؤولي هذه المؤسسة _ من الجنة والناس _ علما بانّي كنت ذات يوم وقبل الدوسي والبيلان قررت انهاء مسيرتي كمنشط وفعلا فعلت … وامام الحاح هذه القناة للمواصلة معهم بشكل آخر عدت كمحلل لا كمنشط… والان صدقا انا لم اعد اجد في الديوان تلك الديوان التي عرفتها ..
ثم وانا اتابع اخبارها وتحولاتها وما آلت اليه اشعر بألم كبير لا حدّ له وانا اشاهد من عمل فيها لسنوات بكلّ اجتهاد وب مقابل مادّي هو موش بعيد على التفتوفة .. يطردون ويبعدون ابعاد البعير المعبّد وذنب هؤلاء انّ الاذاعة لم تعد تسمح امكانياتها المادية بذلك الكمّ البشري الهائل في تعداد موظّفيها … هذا سبب مخجل جدا ..لانّ هؤلاء المغضوب عليهم والمطرودين منهم لو جمعنا ما يتقاضونه جميعهم شهريا لما وصلوا لما يتقاضاه بعض النجوم الجدد الوافدين من عالم تونس العاصمة بغثّهم وسمينهم وغثّهم اكثر من سمينهم … والمبرّر في مثل هذه الاختيارت هو _ هاكوما يجيبو الفلوس _…
ايّ مبرّر رذيل هذا الذي يجعل ايّ مسؤول عن ايّة اذاعة يرمي بمن سهر وتعب وجاهد حتى تقوم هذه الاذاعة على قدميها الى ما وراء البلايك .. معناها انا يجيني نسيب مليان فلوس او يجيبلي فلوس نقوم نطرّد ابني او ابنتي من منزلي الذي هو منزلهم ؟؟ …ماهذا الفعل يا اصحاب الفعلة ..؟؟ وما فائدة انتداب الجهابذة من تونس العاصمة اذا كانت مداخيل تلك الاذاعة ستذهب لخلاصهم وهم اصحاب العقود المنتفخة _هزّ من الجابية حطّ في الخابية ….. ثمّ اذاكان الخطّ التحريري يعطي الاولوية للجهة ومشاغلها وللجنوب ولابنائه_ هذا ليس موقفي بل هذا ما ينصّ عليه الخطّ التحريري للديوان كيف هو فعله الان ؟ هل هو على العهد ؟ _ هل بقي الخطّ التحريري هو نفسه.؟؟ ..هل الاستنجاد بآخرين من العاصمة يعني انّ صفاقس والجنوب جفّ بحرها من الكفاءات ؟ انا لا اقول هذا بمفهوم جهوي .. انا اعيد قراءة ما هو منسوخ على جدران اذاعة الديوان كخطّ تحريري …
اذن هنا امّا ان يكون الخط التحريري هو للاستهلاك او انّ الاذاعة لم تنجح لا في استقطاب الكفاءات ولا في الاحاطة بها وتاطيرها …انّ طرد العديد من اهلنا في اذاعة الديوان وانا اشاهدهم اليوم في اروقة الديوان ودموعهم تحكي عن قهرتهم امر مخز للغاية وعيب كبير … .. انك اصبحت جزءا من المشكل … ..وانا اقول لك علنا ما يتهامس به جلّ منظوريك في الديوان …ودعني اختم بالقول لو كنت مكانك فيما تعيشه الديوان الان لوقفت ضدّ تيّار ما بعد 25 جويلية الذي حدث في الديوان ولو ادّى بك ذلك الى الاستقالة ….لانّي احببتك لا اريد ان اراك مجددا كما رايتك اليوم وعيناك يملؤهما الاحراج ..عرفتك شامخا ومناضلا ووطنيا …فلتكن دائما كذلك …لتكن لنفسك قبل ان تكون لي او للمدير العام الجديد الذي لا اعرفه … ..هؤلاء وانا منهم مارّون ..عابرون … فاحرص على ان يكتب لك التاريخ كلمات ناصعة وما سيكتبه التاريخ لك هو وسامك المهني …قد اكون اوجعتك ولكن استشهد دائما بالبيت الشعري _ واذا قسوت على من احببتهم _ فلكي يعيش الحبّ والاحباب _ ..
مع تضامني المطلق لكلّ من لحقه ومن سيلحقه قرار الطرد ..لانّ التيار مازال يجرف العديد . بالامس خويا عباس وضواحيه وآخرون اليوم اسماء اخرى… وغدا اسماء اخرى وخاصّة تلك التي تتوهم نفسها انها من انصار الملك ومن حاشيته ..احذروا الايام يوم ليك ويوم عليك _ هي الامور كما شاهدتها دولُُ من سرّه زمن ساءته ازمان .. _ سيضحك وسيسخر البعض من كلماتي ومواقفي ويعتبرها رومنسية وفي كلمة هي الموضة الان يعتبرها _ شعبوية _ ..الله غالب قديم ورومنسي وشعبوي وافتخر …ولندع الايام تحكم بيننا … اخيرا الشجرة التي اصلها ثابت وفرعها في السماء هي وحدها القادرة على تحدّي كلّ العواصف .عبدالكريم قطاطة ..الذي عاش معكم بعض السنوات والذي يحمل للعديد منكم كثيرا من الحبّ …..