على هامش مناقشة ميزانية وزارة التربية…حافظ القسمطيني
على هامش مناقشة ميزانية وزارة التربية
هل نتحدث عن علاقة المؤسسة التربوية بالتلميذ ام العكس ؟
كلما تعلق الامر بالشان التربوي الا و أطنبنا في التشخيص و اطلاق الصيحات و تحميل المسؤوليات لنخلص في الاخير الى ان المسؤولية مشتركة و كل طرف عليه ببذل الجهد و المساهمة في الخروج من عنق الزجاجة.
اذا سلّمنا ان ما نحن فيه مردّه تفكك الاسرة و استقالة الاولياء و وسائل الاعلام و وسائل التواصل الاجتماعي و تفشي عدة ظواهر على غرار التدخين و الخمر و المخدرات و العنف و التسيب … هل هذا يعني انه علينا التسليم بالامر الواقع ؟ لا اعتقد لانه في رايي المسؤولية الكبرى تعود للمؤسسة لانه لو تخلى او تخلف الجميع عليها ان تتماسك و تحمي نفسها و تحفظ هيبتها و تؤهّل اطاراتها و تعتني بالفضاء المدرسي و توفّر حاجياتها من مرافق و تجهيزات و موارد بشرية قادرة على السيطرة على الوضع و منع التجاوزات و الاخلالات.
لكن لما نستسلم و لا نقدر على كل هذا لا يمكن ان نلوم او نوكل المهمة لاطراف اخرى و نتخلى عن واجباتنا تجاه الاجيال القادمة.
لما يبيت تلميذ في المؤسسة فذلك ليس ذنبه ! لما تتحول قاعة الدرس الى مطعم من المسؤول ؟ لما يتهجم ولي على مدير خطأ من ؟ لما تنقل مشاهد من داخل المؤسسة او من القاعات او اروقة الادارة كيف نتعامل معها ؟ غير هذا كثير الا انه مسكوت عنه و ما كان شاذا اصبح عرفا.
ان هيبة المؤسسة من هيبة اطاراتها على مختلف مهامهم و رتبهم و ايضا اريحيّة المكان .فالتلميذ لما يتجه للدراسة يفترض ان يشعر بالامان منذ تجاوزه باب الدخول, حارس متواجد, فضاء نظيف, مجموعات صحيّة لائقة, ملاعب مهيّأة, مخابر, ورشات و قيمين يقظين و بالعدد الكافي و مدرسين أكفاء محترمين يتمتعون بقدر من الخبرة و الحنكة و القدرة على السيطرة على فصولهم و تلاميذ محترمين النظام الداخلي مظهرا و هنداما و مثابرة.
امام هذا الوزارة مدعوة اكثر من اي وقت مضى للاضطلاع بمهامها و القيام بواجباتها بعيدا عن الارتجال و الحلول الترقيعية و بعض الانجازات المقصود منها التغطية عل ثغرات لا تحصى و لا تعد. من 2011 حتى لا نقول من 1987 كانت آخر اهتمامات الحكام و الحكومات هو الشان التربوي الذي بات الشغل الشاغل فيه هو الاجور و الترقيات و الانتدابات … لكن الاصلاح كان غائبا و الحلول مستعصية و كالعادة نقص الامكانيات و ضعف الاعتمادات و نقص في التكوين و التاطير و المراقبة واستحالة اتخاذ اجراءات ثورية تقطع مع التبعية و تواكب المستجدات و تصنع نموذجا تونسيا يتسجم و ينخرط مع انتظاراتنا و آمالنا في جيل يحمل المشعل و يقطع مع ما بلغناه من انحدار و ما طال مؤسساتنا من وهن و ضعف حتى ان التعليم الخاص وجد مدخلا للانتشار و اصبح بديلا محتملا و حلا لمن استطاع اليه سبيلا, كل هذا على حساب المؤسسة العمومية التي تبقى الاصل و انقاذها و الاعتناء بها واجبا وطنيا مقدّسا. البرامج و النقل و النظام التاديبي و التقييم ملفات حارقة.
التربية في تونس على صفيح ساخن و آن الاوان للتدخل و تسخير كل الامكانيات و الاعتمادات اللازمة لرفع التحدي و الاعتراف بخطورة الوضع و حساسيته و تحييد الشان التربوي عن كل التجاذبات فوزارة التربية في تونس تستحق ان تكون وزارة سيادية و الاستثمار فيها ايجابي و ملحّ أكثر من اي وقت مضى. و ما يهم التربية يهم كل القطاعات بدون استثناء.






