
غريبة : أمازال الملح مالحا؟ الملح فقد ملوحته
غريبة أخرى تنضاف إلى مئات الغرائب في عصر أصبحت فيه الخضر كيمياوية والمأكولات بلاستيكية وغير طبيعية حتى إنك تخشى الغش في كل بضاعة تقتنيها مهما كان حرصك ويقظتكَ.. وما دام الغش قد وصل إلى الماء وخاصة الخبز فلا نستغرب أن يشمل الملح والذي يُضرب به المثل للبركة وللطعام سواء بين أفراد البيت الواحد أو مع الصديق أو الضيف أو حتى عابر السبيل كما نقول : “هذا شيء ضروري كالملح في الطعام” وهناك “حق الملح” وهو هدية الزوج لزوجته يوم عيد الفطر بعد تعبها في رمضان.. بل إن كل المأكولات تقسّم إلى نوعين “مالح” و”حلو” وذلك يبين لنا قيمة هذه المادة في حياتنا اليومية ولكنها أصبحت منقوصة النكهة… جرّبنا ثمّ أعدنا التجربة منذ أشهر وكذّبنا أنفسنا وقلنا لعلّها دفعة من الدّفعات وواصلنا التذوّق إلى أن وصلنا إلى اقتناع راسخ لا شكّ فيه وهو أنّ الملح أصبح باهتا وضعيفا ولم يعد له مطعم عكس البهارات الأخرى مثل الكركم والتابل والكروية والفلفل الأحمر… فما كان ملعقة أو ملعقتين صغيرتين من الملح أصبح مقداره اليوم مضاعفا… لا تقولوا لنا إنه حرصكم على صحّتنا لأننا نريدكم أن تحرصوا على جيوبنا وألّا تغشّونا في مادّة مهمّة لا يصلح دونها الطّعام لعامّة النّاس… يحدث هذا في بلاد الملح من رادس إلى جرجيس مرورا بصفاقس وسط اتفاقيات مشبوهة وغامضة مع الأجانب تضاربت حولها الأقوال.. بالإضافة إلى أسئلة ملحّة وشكوك حول طريقة الصنع وما يمكن أن يشوبها من غشّ أفقد الملح -كما الحياة- النّكهة.
سامي النيفر