
كاتب عام بلدية صفاقس يوضّح قوانين عزل رؤساء البلديات
مخالفة الفصل السادس من مجلة الجماعات المحلية واعتماده في عزل رئيس بلدية السواسي واضح،ولا غبار عليه،إلا أن اعتماد الفصل 253 في تقديري كان يستوجب فقط أمرا حكوميا وليس رئاسيا رغم وجاهة إدراجه ضمن التدابير الاستثنائية،وعملا بالقاعدة الفقهية “من أمكنه الأكثر أمكنه الأقل”. وهي مناسبة لتذكير “مقاتلي طواحين الهواء” من بعض رؤساء البلديات أنهم ليسوا فوق القانون وهم ملزمين بتنفيذ قوانين الدولة واحترامها طبق الفصل 264 من مجلة الجماعات ونصه مايلى:”يتولى رئيس البلدية ومن يكلفهم بذلك تنفيذ القوانين والتراتيب الجاري بها العمل بالمنطقة البلدية وإسناد التراخيص في مجال التعمير إلا ما أسند لغيره بمقتضى القانون والقيام بكل الوظائف التي يسندها القانون لرئيس البلدية.”وفي صورة إمتناعه او تقاعسه عن القيام بهذه المهام يتولى الوالي زمام الامور باستعمال سلطة الحلول لانفاذ القانون طبق الفصل 268 من نفس المجلة.كما يمكن لوزير الداخلية،ولاسباب تتعلق بارتكاب أخطاء جسيمة تنطوي على مخالفة للقانون وأحدثت ضررا فادحا بمصلحة عامة،ايقاف رئيس البلدية عن مباشرة مهامه لمدة أقصاها 3 أشهر كما يمكن اعفاءه نهائيا بأمر حكومي،وذلك حسب مقتضيات الفصل 253 من المجلة.لكن ما عسى أن تكون هذه الأخطاء الجسيمة.بتقليب أحوال البلديات نعثر بالتأكيد على أمثلة لا حصر لها،ومنها عدم التفرغ للعمل البلدي بصفة مباشرة أو غير مباشرة (مثل اعفاء رئيس بلدية السواسي وهي وضعية من ضمن اكثر من 16 حالة متاكدة منذ 2019 ولم تسوى منها بالاستقالة او الاعفاء الا 9 حالات فقط)،عدم تنفيذ احكام قضائية باتة في التعويض والخلاص او غير القابلة للطعن مثل قرارات ايقاف التنفيذ الصادرة عن المحكمة الادارية،او الغاء مشاريع او تغيير صنف البلدية للحصول على امتيازات اكبر من حيث المنحة المالية ونوعية السيارة وكمية الوقود.او إعطاء امتياز مالي لمن ليس له حق فيه،أو إمتيازات عينية بدون موجب قانوني،أو إسناد رخص على خلاف الصيغ القانونية،أو السعي لتغيير قواعد التهيئة العمرانية،أو قواعد تنظيم الأنشطة الخاضعة لكراسات شروط،..يضاف إلى ذلك عدم الانسجام مع أعضاء المجالس البلدية وعدم قدرة الرؤساء على التواصل معهم وما ينجر عن ذلك من غيابات وعدم اكتمال النصاب لانعقاد المجالس البلدية،واعتماد الثلث الأدنى لتمرير سياسات ليست محل إجماع وفي غالبها خارقة للقانون. ويضاهي ذلك عدم الانسجام مع الإدارة البلدية وخاصة مؤسسة الكتابة العامة والمصالح الفنية بها؛حيث ينجر عن ذلك عواقب وخيمة،مثل سوء تسيير الاعوان وتسيب الادارة،وتعطل الخدمات البلدية ومصالح الاعوان والمواطنين وتعطل سير المشاريع وتراجع الموارد البلدية،…(مثل تعطل اللجان الادارية التي يرأسها الكاتب العام كلجنة الصفقات طبق الامرعدد 1038لسنة 2014 المؤرخ في 13مارس 2014 وخاصة الفصل 160 منه. واللجنة الإدارية المتناصفة،أو تعطل اللجنة الفنية لرخص البناء والتقسيمات التي تقوم على معاينات الفنيين،واعمالهم،…).وأعطى القانون صلاحيات هامة للسلط الجهوية والمركزية لمواجهة هذا الخور ومنها ايقاف المجالس وقتيا وحلها برمتها،حيث يمكن للوالي بتقرير معلل اقتراح ايقاف المجلس البلدي عن النشاط لمدة اقصاها شهران،كما يمكن في الأخير حل المجلس البلدي بمقتضى أمر حكومي في صورة الإخلال الخطير بالقانون أو بتعطيل واضح لمصالح المتساكنين،وذلك طبق الفصل 204 من المجلة و نصه: ” باستثناء الحالات المنصوص عليها بالقانون، لا يمكن حل المجلس البلدي إلا إذا استحال اعتماد حلول أخرى وبمقتضى أمر حكومي معلل … ولأسباب تتعلق بإخلال خطير بالقانون أو بتعطيل واضح لمصالح المتساكنين وذلك بعد الاستماع إلى أعضائه وتمكينهم من حق الدفاع….وفي حالة التأكد، يمكن للوزير المكلف بالجماعات المحلية إيقاف المجلس عن النشاط بناء على تقرير معلل من الوالي … وذلك لمدة أقصاها شهران.ويتولى الكاتب العام للبلدية طيلة فترة إيقاف المجلس البلدي تسيير إدارة البلدية ويأذن استثنائيا بناء على تكليف من الوالي بالنفقات التي لا تحتمل الانتظار.”و كل ما ورد سابقا،هو إمكانيات قانونية لم تطبق الى غاية اليوم، باستثناء عزل رئيس بلدية السواسي،رغم أن حالات عدم التفرغ عديدة، …كما اقتصر التعاطي مع تجاوزات المجالس ورؤسائها على انتظار الاستقالات المتزامنة التى أودت بعشرات المجالس البلدية،ولعل الايام القادمة تشهد تحرك السلط العليا لإعلاء مبدأ احترام القانون ووحدة الدولة في مواجهة الانحراف بمبدأ التدبير الحر … مع تمنياتي،أن يكون المرسوم الرئاسي “المحتفى به” قطر بعده غيث ينهمر.(الرسوم المصاحبة من تقرير البوصلة لسنة 2019 حول تقدم إرساء المسار اللامركزي)
