لا تربح معركة ضد نفسك….سلوى بن رحومة
نحن اضعفنا الاسرة و ألغينا دورها .و تواطات هي بدورها مع المجموعة وتخلت بمحض ارادتها عن باقي المسؤوليات. تنصلت منها واعطت وقتها واهتمامها لجمع المال ، من اجل تحقيق توازن اقتصادي اسري يضمن البقاء. بمعنى توفير المتطلبات الضرورية لاي اسرة من ماوى وماكل وملبس .هذه الضروريات التي اتسعت رقعتها في مجتمعاتنا الاستهلاكية ليصبح فيها الثانوي و الثانوي جدا في قائمة الاولويات .وهو ما انهك هذه الاسرة بجذعيها (الام و الاب) المنشغلين بالعمل و جمع المال . حتى ان الحقيقة الوحيدة في الاسرة صارت توفير المال ،لسد كل متطلبات الابناء بانواعها و بدرجاتها . مهما كان الانتماء الطبقيلهذه الاسرة .وهو بعض ما يدل عليه المظهر الحارجي لابنائنا الذي لم يعد يوضح ابدا الى اي فئة تنتمي عائلته .
بعد هدم دور الاسرة التربوي و هدم الدور التربوي للمعلم . هدم صورة الاب و القدوة و بذلك هدمنا تلك المكانة العالية التي كان يتمتع بها و هدمنا ربوته التي كان يعلو عليها ليقوم بدور المؤدب و الناصح و المصحح و المعلم للاخلاق قبل العلم .
ماذا بقي لدينا بعد ان هدمنا الصورتين الركيزتين . بقيت القدوة الاجتماعية عموما و التي يمكن ان تكون لرجال الفكر و العلماء و المثقفين و الملتزمين بقضايا الحق و العدالة .لم يكن من السهل تقزيمهم ولكن الخطط الجاهزة التي نسرقها اذا لم يبيعوها لنا كانت كافية للايقاع بهذا الرمز . انها خطة تقديم وجوه بديلة و اعطائها المكانة التي كانت حكرا على الرموز الحقيقية التي استحقت ذلك الموقع لانها تملك ما ليس لدى الجميع من السمو الاخلاقي او العلمي او النضالي او اكثر من خصلة في نفس الشخص . هذه المؤهلات التي ذكرنا صار القبح بديلا لها وصار الفشل بديلا لها وصارت التفاهة بديلا لها وصار الفاسد بديلا و المهمش بديلا و صار الاحمق وكل من هو سيء يمكن له ان يعتلي منصة الرمز ويقود من فوق ربوتها.لا شك ان المراهق عموما يحتاج الى صورة الرمز لتكون له مراة عاكسة لمستقبله.للاهتمام لحد التعلق بشخصيات من محيطه وان لم يجدها بحث عنها خارجه في المجتمع الواسع العالمي لان وجودها في حياته ضرورة يتطلبها عمره و المرحلة التي يمر بها في تكوين شخصيته . كان لابد من التفطن الى متطلبات هذهالمرحلة و العمل على ارجاع المكانة اللائقة لكل من يمكنهم حمل شارة الرمز الاجتماعي بتقديمهم للصفوف الامامية في بلدانهم ليكونوا سدا منيعا و صورة ناصعة تؤثر بكل ايجابيتها في جيل يتحمل مسؤولية الابوة بعد سنين و يتحمل مسؤولية المناصب الوطنية بعد سنين ايضا . كان من الممكن العودة الى رموز غادروا احياؤهم من خلال الاهتمام بسيرهم و ايلاء ذلك المكانة اللازمة سواء ابداعيا او في مواد التدريس وهو ما من شانه ان يعمق الاعتزاز بالهوية و الانتماء لمجتمع يشببه فلا يكون غريبا وسط مجتمعه ومتنصلا منه مهزوما فيه وهو يملك امجادا لا تملكها المجتمعاتىالاخرى .يهرول نحو من لا يشبهونه فيبذل الجهد الكبير و المنهك ليكون منهم وينسى قدر الامكان انه عربي مسلم . فتصبح حربه على نفسه اشد و اقسى لانه كلما ابتعد شوطا عن مجتمعه فرح لانه ربح معركة هي ضد نفسه .