
لا للمُبالغة في إستعمال السلطة القضائية في الشأن التربوي…الأزهر التونسي *
أردت اليوم التطرق لموضوع شغل المربين و الرأي العام وهو اقحام السلطة القضائية في الشأن التربوي بموجب و بدون موجب و في هذا المجال يتعين التذكير بجملة من المبادئ أولها حق كل انسان مقيم في تونس من اللجوء إلى القضاء في صورة شعوره بأنه تعرض لمظلمة لكن لا يمكن بأي حال من الأحوال التعسف و المبالغة في استعمال هذا الحق وهنا نتطرق للمبدئ الثاني إذ يتعين على النيابة العمومية في القضايا الجزائية ممارسة سلطتها التقديرية بالإحالة أو بالحفظ فهناك قضايا مفتعلة و تهدف الإثارة و القضية المنشورة أمام محكمة المهدية ضد الأستاذة فاتن سلامة نموذجا من تلك القضايا فتتبع أستاذة جزائيا من أجل تقييم عمل لمتعلم تقرر من خلال هذا التقييم أن يسند له صفرا فأين الجرم في ذلك وإذا سلمنا نظريا أن كل أستاذ يسند صفرا يتم تتبعه فسنجد عشرات الآلاف من المربين ماثلين أمام المحاكم المبدأ الثالث فإذا حصل ضرر لشخص بموجب قرار إداري سليم قانونيا و اجرائيا ففي مثل هذه الحالة يتم التقاضي مدنيا و تحل المؤسسة محل الموظف و في الحالة المشار إليها يتعين على وزارة التربية و المكلف العام بنزاعات الدولة القيام بواجبهم المنصوص عليه قانونا المبدأ الرابع هل يدخل هذا النزاع القضائي ضمن النزاعات الجزائية أو النزاعات الإدارية و في رأيي هو نزاع إداري بامتياز و بالتالي يتعين اللجوء للمحكمة الإدارية لكن اللجوء للقضاء الجزائي و تجنيد عدد كبير من المحامين هو من باب هرسلة الأستاذة و المربين عموما و حضور عدد مبالغ فيه من المحامين في اعتقادي هو من باب الضغط على القضاء. سأقوم الآن بمقارنتين نتصور مريض قام بتحليل على الأنسجة تبين من خلال هذا التحليل أنه مصاب عفاكم الله بسرطان مما تسبب له في مضاعفات نفسية فهل من المعقول مقاضاة صاحب المخبر. مثال ثان قاض أصدر حكما تم نقضه استئنافيا فهل يتم تتبع هذا القاضي من أجل اجتهاده في اصدار هذا الحكم المعيب.أمر الآن للحديث عن تجربة حصلت لي عند ممارسة مهامي كمندوب تربية فقد تعمد أحد المواطنين الاستيلاء على قاعتين من مدرسة ابتدائية مدعيا ملكيته لها في حين أن العقار مسجل في السجل العقاري كملك للدولة و كلنا نعرف الإجراءات القضائية في ما يتعلق بالأملاك المسجلة و رغم تقديم قضية ضد المعتدي و للأسف لم يقع حل المشكل قضائيا بل تم حله إداريا بعد سنتين حرم خلالها التلاميذ من استغلال تلك القاعتينفكفى مبالغة في اقحام السلطة القضائية في الشأن التربوي فهذا يضر بالقضاء و بالتربية على حد سواء و يشعل النزعات القطاعية التي نحن في غنى عنها
مدير جهوي للتربية سابقا