لمسة وفاء : إلى روح الدكتور محمّد أنور عشيش
يعتبر الطبيب النفسي محمّد أنور عشيش عميد هذه المهنة في صفاقس وهو ثروة معرفية بحق.. كل الصفاقسية يعرفونه حتى دون أن يزوروه كيف لا وهو الذي أثّث ببراعة ركن “نقلّك ودليلك ملك” على إذاعة صفاقس وذلك بنصائح يومية يقدّمها الدكتور بأسلوب بَرْقي وسلس يفهمه كل الناس ويقتنعون بمحتواه وذلك بنبرة صوت مميّزة.. إن كان لمحمّد أنور عشيش ميزة فهو أنه حبّبنا في مجال يخاف منه الناس ويفهمون أنه مخصّص للمجانين وقد كان الدكتور عشيش لطيفا ومتتبّعا لمشاغل الناس وناصحا لهم فكانت مهمّته بيداغوجية بالدرجة الأولى ولم يسعفنا الحظ بملاقاته ولكن سمعته الطيبة كانت تسبقه ولم نتمكن من سماع المزيد من أنواره وقد رحل عنا يوم 10 أفريل 2008 والكبار دائما يرحلون باكرا..
15 سنة على فراق علم من أعلام صفاقس احترم مهنته ولم يسع وراء المادة كان محبّا ناصحا وليس تقنيا أو آلة لا تحسّ.. ترى ماذا كان يقول في أحداث الثورة وما بعدها ؟ ترى ماذا كانت نصائحه لبعض الأطبّاء النفسيين الذين خانوا قسم أبوقراط واعتمد عليهم البعض من أجل تصفية حسابات مع الآخرين فالذي يكره شخصا يتصل ب”طبيب” لا وسيم ولا سليم من أجل خطفه وإيوائه بإحدى المصحات دون إذن من وكيل الجمهورية بعد أن يشبعه بالأدوية المخدرة والمعاملة السيئة دون حسيب أو رقيب وهذا عمل إجرامي يمرّ في صمت ودون محاسبة.. الناس تحب طبيا ناصحا مخلصا لا مادّيّا متشمّتا قد باع ضميره وأخلاقه وراح يمطط في حصص العلاج أو يساعد على تدمير الناس.. كان السيد أنور وسيبقى رمزا من رموز صفاقس العلمية التي تركت بصمتها في قلوب الناس وكم نحن بحاجة لأمثاله في زمن المادّة والمصالح الدنيئة. رحم الله الدكتور عشيش وجعله نورا ونبراسا للأجيال القادمة.
سامي النيفر