ما حدود الرد الإيراني على اغتيال هنية؟

ما حدود الرد الإيراني على اغتيال هنية؟

1 أوت، 08:33

تأتي عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية ضمن سلسلة الاغتيالات السياسية، التي استهدفت طهران سواء على الأراضي الإيرانية أو خارجها.

واغتيل هنية في طهران، حسب ما أعلنت حركة حماس والحرس الثوري الإيراني فجر الأربعاء، بعد ساعات من حضوره مراسم تنصيب الرئيس مسعود بزشكيان، الثلاثاء.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن عملية الاغتيال حتى الساعة، إلا أن أصابع الاتهام سرعان ما وجهت صوب إسرائيل التي توعدت بقتل هنية وآخرين من قادة حماس.

ونقلت وسائل إعلام تابعة لحركة حماس عن مصادر إيرانية، قولها إن “اغتيال هنية تم بصاروخ موجّه نحو جسده مباشرة”.

وتشير ردود الأفعال الإيرانية على سلسلة الاغتيالات السابقة إلى حدود الرد الإيراني على عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.

فبعد اغتيال قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس، في يناير 2020، اقتصر الرد الإيراني على ضرب قوات أميركية في العراق، وهو ما وُصف حينها بالرد المتواضع بالنظر إلى مكانة الفريق قاسم سليماني.

وفي شهر نوفمبر من العام نفسه اغتيل العالم النووي محسن فخري زاده، الذي اعتبرته إسرائيل، وهيئات استخباراتية أميركية، أبا لمشروع سري للقنبلة النووية الإيرانية، إلا أن طهران اكتفت بالإعلان عن عزمها محاسبة المتورطين في عملية الاغتيال.

وفي أبريل الماضي، استهدفت القنصلية الإيرانية في سوريا مما أدى إلى مقتل قائدين في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، هما العميد محمد رضا زاهدي، ومساعده العميد محمد هادي حاج رحيمي، و5 مستشارين عسكريين إيرانيين هم حسين أمان اللهي، ومهدي جلالتي، وشهيد صدقات، وعلي بابائي، وعلي روزبهاني.

وشنت إيران أول هجوم عسكري مباشر في تاريخها على إسرائيل فيما أطلقت عليه عملية “الوعد الصادق”، وأعلنت على تلفزيونها الرسمي إطلاق مسيرات وصواريخ باليستية من أراضيها باتجاه إسرائيل، إلا أن تل أبيب أعلنت التصدي لــ99 بالمئة من الصواريخ والمسيرات الإيرانية.

ويوضح خبراء ومحللون سياسيون في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية” حدود الرد الإيراني على عملية اغتيال إسماعيل هنية.

إستراتيجية الامتصاص

الباحث في الشأن الإيراني، وجدان عبد الرحمن، قال في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن اغتيال هنية في طهران، هي رسالة واضحة لإيران قبل أن تكون لإسماعيل هنية أو حماس.

واعتبر أنها رسالة موجهة أيضا لحسن نصر الله زعيم حزب الله الذي هددت إسرائيل باغتياله، ورسالة أيضا لكبار القيادات الإيرانية بأن لديهم هذه الإمكانية، وأنهم يستيطعون الوصول لخامنئي (المرشد الأعلى علي خامنئي) نفسه في الداخل الإيراني إذا ما هدد الأمن القومي الإسرائيلي، وهو ما أكده نتنياهو (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو) أكثر من مرة.

ويرى عبد الرحمن أن الواقعة كاشفة عن هشاشة الأمن الإيراني، ومدى نفوذ الموساد الإسرائيلي داخل النظام، وعدم قدرة إيران عن الدفاع عن أجوائها للتصدي لهذه الاختراقات التي وصلت إلى غرفة نوم إسماعيل هنية.

وعن حدود الرد الإيراني يرى عبد الرحمن أن طهران ستحاول السيطرة على الأمر الذي يعتبر اختراقا وتجاوزا للخطوط الحمراء الإيرانية عبر إستراتيجية “امتصاص الضربات”، وهي لديها القدرة على امتصاص هذه الضربة، لكن من المتوقع أن تحرك إيران ميلشياتها في المنطقة في سوريا ولبنان والعراق واليمن.

اختراقات في الجسم الإيراني

المحلل السياسي اللبناني، خالد العزي، أستاذ العلاقات الدولية والسياسات الخارجية، قال في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن اغتيال هنية تحديدا وليس مسؤول إيراني، حدث لأنه يبقى ضيفا وليس إيرانيا، وطهران لن تدخل حربا من أجله، متوقعا أن تحدث تسويات كبيرة.

وشدد على أن اغتيال هنية بعد حضوره حفل تنصيب الرئيس الإيراني وتحديدا في مكان نومه ومرافقه، هي ليست عملية اغتيال طبيعية، ولكن هناك أدلة متفشية ومرتبطة بالموساد الإسرائيلي أدت إلى تنفيذ هذه العملية، مؤكدا أن الوصول إلى هنية في قلب النظام الإيراني رسالة واضحة إلى الجميع أننا نستطيع أن نصل إلى حيث نريد، وهو ما قاله نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي وحدده في تنفيذ عمليتين مهمتين الأولى ضد فؤاد شكر المسؤول العسكري، والرجل الثاني في حزب الله وفي عقر دار الحزب في الضاحية الجنوبية.

أستاذ العلاقات الدولية كشف أن “نتنياهو يعرف أن أي تحرك إيراني سيلاقى بالمثل، وأن الولايات المتحدة لن تترك إسرائيل وحدها في الحرب ولن تتقبل الاعتداء على هذا الحليف، وهو ما قاله لويد أوستن (وزير الدفاع الأميركي) في تصريح له شدد فيه على عدم ترك إسرائيل وحدها إذا تعرضت لهجوم، ثم تحركت السفن الأميركية تجاه السواحل اللبنانية”.

ولفت إلى أن “إيران هي المسؤولة عن عملية اغتيال هنية، والتي توضح أن الاختراقات من داخل الجسم الإيراني، وأن من قدم هنية للموساد الإسرائيلي هو في الداخل الإيراني وهذا يعني أن البلاد مخترقة بشكل كامل”.

وتابع: “عقد اجتماع موسع للمجلس الأمني الأعلى الإيراني بحضور المرشد، يدل على أن القضية كبيرة، وكيفية التعامل معها وإمكانية ابتلاع الضربة لأن هنية لن يكون أغلى من قاسم سليماني قائد فيلق القدس السابق، الذي اقتصر الرد على اغتياله على إطلاق صواريخ على قاعدة عين الأسد في العراق”.

وأشار إلى رغبة إيران في التفاوض مع الولايات المتحدة موضحا: “يجب أن نضع في الاعتبار أن إيران كانت ترسل رسالة إلى الولايات المتحدة الأميركية عبر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بأنها جاهزة للتفاوض مع واشنطن، كما أنها تعرف أن الرد على إسرائيل لن يمكنها من الحصول على أي مكاسب تريدها من الولايات المتحدة، لذلك في الغالب ستنتهي هذه العملية كما انتهت عمليات سابقة راح ضحيتها قادة مثل قاسم سليماني ومحسن فخري زادة وأسماء أخرى”.

وأردف العزي: “أعتقد أن نتنياهو نفذ هذه العملية وهو يحاول أن يضع إيران في الزاوية وأن يجرها إلى حرب فعلية لضربها في عقرها وأخذ الغطاء الغربي أمام هذه الضربة، كما أن التصريحات والتهديدات الإيرانية تأتي من أجل شد العصب الداخلي وشد عصب مايسمى بـ(محور الممانعة)”.

وشدد على أن “حال الرد الإيراني فإن أي ضربة ستكون مدروسة ومتفق عليها، وهذه قواعد الضربة، لأن إيران غير معنية بقادة أو حشود شعبية ولا فصائل سنية أو فلسطينية أو شيعية، لأن مسألتها القومية فوق كل اعتبار، ولذلك فإن مسألة البرنامج النووي والتفاهم مع الغرب يمر على أجساد كل الذين يقبعون في المحور الإيراني”.

سكاي نيوز

مواضيع ذات صلة