محاربة الفساد:الدولة تصطاد الاسماك الصغيرة، وتخشى الحيتان الكبيرة.
12 مارس، 18:30
- لقد كان ابن خلدون محقا حين تحدث عن دور الفساد في انهيار الدول. “انتشار الفساد يدفع بعامة الشعب إلى مهاوي الفقر والعجز عن تأمين مقتضيات العيش، وهو بداية شرخ يؤدي إلى انهيار الحضارات والأمم”. هذا الواقع الاليم والخطير الذي وصلت إليه البلاد اليوم نتيجة حتمية لتراكم الفساد والمحسوبية والتنصل من المسؤولية. فكل الحكومات المتعاقبة بعد الثورة فشلت فشلا ذريعا في الحد من الفساد، بل اتسعت رقعة هذا الغول (الفساد) وانتشر كالنار في الهشيم، بل وصل إلى ذروته حتى أنه أصبح منظومة متكاملة انهكت الاقتصاد الوطني، الأمر الذي جعل منظمات وهيئات عالمية تصنف تونس كجنة ضريبة. إذ يبدو أن الفساد خرج عن السيطرة ولم يعد بالامكان القضاء عليه وأصبحت الانتقائية الشعار السائد لدى أصحاب السلطة لتصفية حساباتهم مع أطراف دون أخرى، فهذا فاسد لأننا نختلف معه والآخر نظيف لأنه يتبعنا. إذ اقتصرت محاربته على أطراف بعينها أمثال شفيق الجراية وسامي الفهري ونبيل القروي وسواغ مان وغيرها من الأسماء التي لا تمثل خطرا على السلم الوطني.. في الوقت الذي نجد فيه فاسدين أحرارا لم تطالهم يد القانون لأنهم أبناء المنظومة. فايهما أخطر شفيق الجراية ام من قام بتوريد الأرز المسرطن؟ من هو أشد خطورة سامي الفهري او مورد النفايات الإيطالية؟ من هو الأكثر فساد سواغ مان أم المهربين وأصحاب الصفقات المشبوهة؟ من هو أشد خطورة طفل سرق علبة شكلاتة ام الفاسدين الذي تشاهد أفعالهم في كل مكان، فاينما وليت وجهك تعترضك أعمالهم ، في البنية التحتية ووسائل النقل المهتزئة وسيارات التهريب التي تجوب البلاد طولا وعرضا… هذا هو حال البلاد مع محاربة الفساد، تصطاد فقط الأسماك الصغيرة وتخشى الحيتان الكبيرة التي أفسدت الزرع والنسل وعاثت في البلاد فسادا بدون حسيب ولا رقيب.
- أسامة بن رقيقة



