
محمد التريكى ، كما عرفته …. بقلم أحمد الحباسى . كاتب وناشط سياسى
لن أتناول سيرة الرجل السياسية و لا تقلبه بين المناصب المهمة في الدولة و لا ما لا يزال بجعبته من أسرار مهمة لم يتناولها كتابه الأخير ” المعركة الحاسمة ، الاستقلال و بناء الدولة الحديثة و إسناد السيادة للشعب ” ، أسرار خطيرة أخرى تعفف الرجل عن نقلها من باب واجب التحفظ المبالغ فيه ربما يقول البعض لكن من يعرف ” القائد ” محمد التريكى يدرك أن الأمر لا يتعلق بحالة من حالات التحفظ بل من قناعة راسخة لدى رجل دولة مثله بأن المجالس بالأمانات و بأنه ليس كل شيء يمكن أن يقال ، طبعا كان الجميع في انتظار صدور هذه المذكرات و هناك من وضع يده على قلبه خوفا من كشف المستور و المقبور و كانت هناك خشية من تؤدى شهادة الرجل عن الفتنة اليوسفية مثلا إلى تغيير كثير من القناعات أو ضرب بعض الروايات المخجلة التي دوّنها بعض الصائدين في الماء العكر من باب المساهمة القبيحة فى إذكاء نار الفتنة و الدسائس .
سى محمد كما عرفته شخص خدوم جدا و هذه ميزة ليست متيسّرة عند الكثير من الساسة لكن الرجل بحكم تكوينه السياسي الى جانب الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة يدرك أن المسؤولية و مهما كان موقع المسئول هي تكليف لا تشريف و أن ما يبقى في ذاكرة المواطن هو مدى التصاق المسئول بهموم الشعب و استعداده الدائم لخدمته ، نحن أمام رجل دولة و أمام شخص متشبع بالقيم البورقيبية بل نحن أمام شخص لا يرى نفسه إلا مسئولا عن تنفيذ سياسة الرئيس الاجتماعية و الاقتصادية و لذلك حفلت كل المحطات السياسية للرجل طيلة سنوات توليه بعض الولايات ” الساخنة ” المحاذية للحدود التونسية الجزائرية بكثير من الانجازات و المشاريع التنموية المهمة التي تركت أثرا طيبا في نفوس كل من عاشره عن قرب و من أتجه إليه لتذليل بعض الصعاب الإدارية .
لعل الملاحظة الكبرى التي تظهر للعيان عند قربك من السيد محمد التريكى أن أكثر ما يروق له هو تقلده لمنصب القائد العام للكشافة التونسية و لذلك ليس غريبا أن تشاهد من يعرفه يناديه لحد الآن ” يا قائد ” و هنا لا بد من الإشارة إلى الدور الطلائعى للكشافة التونسية في فترة الجهاد الأصغر و الجهاد الأكبر كما يحلو للزعيم بورقيبة تسمية فترة الاستعمار و فترة الاستقلال و لعل ” القائد ” قد تعلم و ورث كثيرا من مناقب الكشافة و من فعالية دورها في التنمية و هذا ما جعله دائما شخصا رصينا قادرا على التفاعل بايجابية كبرى مع كل المحطات السياسية التي مرّ بها ، لا تغركم الابتسامة الدائمة للرجل فهي تخفى قامة سياسية قادرة على أن تمارس دورها في لباس من حرير و لكن بكثير من حزم الشعور بالمسؤولية و متطلبات الوظيفة و بالذات وظيفة وال ممثل للرئيس بكل ما تعنيه هذه الوظيفة من تشعبات و تضاريس و منعرجات و انكسارات من الثابت أن ” القائد ” قد مرّ بمنعطفاتها جميعا دون أن يلتفت إلى الوراء شعورا منه براحة الضمير .