مديرة التلفزة، هذه الحاكمة بأمرها… بقلم أحمد الحباسي كاتب وناشط سياسي

مديرة التلفزة، هذه الحاكمة بأمرها… بقلم أحمد الحباسي كاتب وناشط سياسي

5 جوان، 14:00

تعمدت عدم ذكر هوية السيدة مديرة التلفزة ليس من باب الاحتقار – معاذ الله – لكن من باب التفخيم حتى يصل الانطباع لدى المتابع بكون هذه السيدة مسئولة فوق المساءلة وغير خاضعة للقانون والتلفزة بحشيشها وريشها ملك خاص مسجل باسمها في دفتر خانة للأملاك العقارية.

التلفزة ومديرتها في واد وبقية مؤسسات الدولة الأخرى في واد آخر ومن يقدر على “عزيزة” كما يقول المثل المصري الشائع.

هذا حالنا مع تلفزة مديرة التلفزة وهذه انطباعاتنا التي نسكت عنها من باب أنه لا ينفع العقار فيما أفسده الدهر أو من باب خلّيها على الله أو من باب اصبروا فإن الله مع الصابرين. مديرة تلفزتنا الموقرة نسخة كربونية من السيد رئيس الجمهورية سدد الله خطاه وأنار الله سبيله فهي تصر مثلها مثل سيادته على تحقيق رقم قياسي في الصمت وفي عدم التفاعل مع مشاكل المواطنين أو طموحاتهم معتمدة سياسة فاعلة اسمها “خلّيهم يتكلموا توة يسكتوا”.

لعل العنوان الأبرز والنجاح الكاسح الذي حققته السيدة مديرة التلفزة هو أنها خلقت في ذهن المتابع الكريم ودون أن تصرف ولو مليما واحد من المخصصات المالية في الإشهار أو التسويق فكرة رائعة بكونها تلفزة تجمير البايت، هذا في حد ذاته انجاز وإعجاز لم تسبقه إليه أية تلفزة في العالم وهو انجاز يستحق التدوين بأحرف من ذهب في موسوعة قيينس للأرقام القياسية وفي هذا المجال لا ندري لماذا تجاهل سيادة الرئيس هذا الانجاز ولم يثمنه حتى يشجع مديري المؤسسات الأخرى على الاقتداء بسلوك مديرة التلفزة الوطنية ؟ إنجاز آخر حققته السيدة مديرة التلفزة أنها أول تلفزة في العالم تسير على “ضوء القميرة” كما غنّى الفنان الراحل سيدي على الرياحى دون بوصلة ودون تحديد نسبة المشاهدة أو الاهتمام بمن يتابعها وكأنها كائن ظل طريقه في هذا الكون الشاسع. هذه مديرة كالعجوز التي لا يهمها قرص كما يقال وهي ترفض التفاعل مع محيطها ضاربة عرض الحائط بمقولة العلامة عبد الرحمان ابن خلدون : “الإنسان مدني بطبعه”.

ترفض السيدة مديرة التلفزة بجلالة قدرها نقل المقابلات الكروية مع أنها تقبض الإتاوة الجبرية المفروضة في فاتورة استهلاك الكهرباء وتعلل سيادتها هذا الرفض بكونها لا تميل للكرة مما يقيم دليلا قويا على أنها تعتبر التلفزة ملكا خاصا ورثته عن الأجداد وجعلت منه حبسا خاصا رغم صدور قانون إلغاء الأحباس منذ بداية الاستقلال. مهزلة كبرى تحدث وسيادة الرئيس صامت خجول لا يتحرك كالمسحور بقوة شخصية هذه السيدة التي فاتته بمراحل في قدرتها على تحمل الانتقادات فهل يفكر سيادته مثلا في تعيينها رئيسة لحكومته من باب استغلال المواهب الصاعدة في فن الصمت الرهيب والانجازات غير المسبوقة ؟ هناك إحساس طاغ اليوم في أننا نعيش في مستنقع سياسي راكد المياه مغلق الآفاق وهناك أزمة ثقة في النظام القائم وهناك شرخ يتزايد عمقه بين المواطنين بفعل سياسة الصفر إنصات لهموم الشعب التي يتبعها السيد الرئيس ومع ذلك تصر مديرة التلفزة على تجمير البايت وعدم الخروج للشارع وفتح النوافذ للنقد البناء في تصرف بدائي مجحف يجعلنا نتصور أنها تعيش في جمهورية ألبانيا زمن الرئيس الراحل أنور خوجة.

مواضيع ذات صلة