ملاحظات حول اختبار مادة التاريخ في امتحان البكالوريا دورة المراقبة 2023 بقلم الأستاذ توفيق الدباشي

ملاحظات حول اختبار مادة التاريخ في امتحان البكالوريا دورة المراقبة 2023 بقلم الأستاذ توفيق الدباشي

20 جويلية، 12:00

هذه الملاحظات هي حصيلة نقاشات مع الزملاء أساتذة مادة التاريخ والجغرافيا والسيد متفقد المادة ضمن لجنة إصلاح اختبارات مادتي التاريخ والجغرافيا في امتحان البكالوريا دورة المراقبة 2023 بصفاقس 1وتؤلف ورقة علمية موثقة تسعى إلى مزيد تجويد مواضيع اختبارات مادة التاريخ في امتحان البكالوريا مستقبلا بعيدا عن المهاترات الفايسبوكية فإن اصبت فلي اجران على كل حال وان لم اصب فلي اجر كتابة المقال

شعبة الاقتصاد والتصرف:

– ورد الموضوعان في صيغة مقالبالنسبة للمقال الأول حول تونس خلال فترة العشرينات وقع تسجيل الملاحظات التالية لمزيد تجويد اختبارات مادة التاريخ في امتحان البكالوريا مستقبلا اولا على مستوى نص المقال نلاحظ التقابل الوارد في صيغة المعطى بين ” ظروف داخلية صعبة” و” أرضية ملائمة” وهو ما يبدو غير دقيق وغير منسجم من الناحية العلمية والديداكتيكية وكان بالامكان القول “ظروف داخلية ملائمة للعمل الوطني”اما ما يتعلق بما ورد في المطلوب في العنصر الثاني من المقال” بين مظاهر النشاط الوطني على مستوى المطالب وطرق النضال” فهي أيضا صياغة لا تستقيم في رأينا وغير دقيقة من الناحية العلمية فالمطالب ليست نشاطا وطنيا كما فهم طارح المقال وإنما هي من أهداف وغايات الحركة الوطنية وتقتضي طرقا واشكالا نضالية لتحقيقها

ثانيا على مستوى مقياس الإصلاح المقدم من اللجنة الوطنية نلاحظ اهمالا واضحا للوضع السياسي ضمن الظروف الداخلية للعمل الوطني في فترة العشرينات وهي في اعتقادنا مسألة بالغة الخطورة وغير دقيقة من الناحية العلمية باعتبار ان مثل هذا الطرح يرجع نمو العمل الوطني في فترة العشرينيات( وهي الاصح ) إلى الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسة الاستثمارية ويتغافل عن دور الوضع السياسي والنخب الوطنية في فترة العشرينيات في تنمية الوعي الوطني في النضال ضد الاستعمار الفرنسي رغم الإشارة اليه في الكتاب المدرسي ص110 وهو ما يخل بالمعرفة التي تلقاها التلميذ وينتظر تثمينها ويؤثر في التكوين الوجداني والسلوكي لخريجي المدرسة التونسية باعتبار تهميش دور النخب التونسية في النضال ضد الاستعمار الفرنسي وتطور الحركة الوطنية ويرجع ذلك فقط إلى الوضع الاقتصادي والاجتماعي في حين نجد من ضمن الأهداف الوجدانية والسلوكية لهذا الدرس “ترسيخ الشعور بالانتماء إلى تونس وغرس الوطنية في صفوف الناشئة”

اما بالنسبة للمقال الثاني لشعبة الاقتصاد والتصرف فقد تناول دور القوى الاوروبية في اندلاع الحرب العالمية الأولى ومظاهر استفادة الولايات المتحدة الأمريكية منهاعلى مستوى طرح المقال وصياغته يمكن تسجيل الملاحظات التالية وأولها أن التركيز على دور القوى الاوروبية في اندلاع الحرب الأولى كأنه يخفي معنى آخر ضمني وهو ان هناك أطراف أخرى غيراوروبية كان لها دور كبير في اندلاع الحرب وهذا غيردقيق خاصة عندما يتم التركيز في المطلوب في العنصر الثاني على استفادة الولايات المتحدة الأمريكية وكأنها لعبت دورا في اندلاع الحرب واستفادت في حين لم تستفد القوى الاوروبية كذلك ورد نص المقال في صياغة لا تتماشى مع الطرح العلمي في مادة التاريخ ” لئن….. فإن…..” وهي أقرب إلى الصياغة الأدبية والفلسفية

اما على مستوى مقياس الإصلاح فهناك أخطاء علمية غير مقبولة وردت في مقياس الإصلاح من قبيل” أصبح الدولار الأمريكي عملة عالمية عوض الجنيه الاسترليني” وهذا غير صحيح ويناقض حتى ما ورد في الكتاب المدرسي ص18 ” وأصبح الدولار ينافس الجنيه الاسترليني كعملة عالمية قابلة للتحويل إلى الذهب….” فالدولار لم يعوض الجنيه الاسترليني كعملة عالمية الا بعد الحرب العالمية الثانية حيث ورد في الكتاب المدرسي في درس الحرب العالمية الثانية ص 93 ما يلي” وتبوأت عملتها المكانة الأولى على حساب الجنيه الاسترليني “وهو أيضا ما تؤكده مصادر أخرى مثل كتاب Jacques drouz المعنون ب la premiere guerre mondiale وكتاب موريس كروزي”تاريخ الحضارات العام”وتقدر الإشارة أيضا إلى أنه في مظاهر استفادة الولايات المتحدة الأمريكية وقع التأكيد على استفادتها سياسيا حيث جاء في مقياس الإصلاح “بروز الولايات المتحدة الأمريكية كفاعل في السياسة الدولية من خلال تقديم نقاط ويلسن كمنطلق للمقاولات وكمشروع لتحقيق سلم دائمة”وهذا الكلام في الحقيقة مسقط وغير دقيق ولا يقع التعرض اليه في الدرس كنتيجة سياسية ولا في مظاهر استفادة الولايات المتحدة الأمريكية وإنما يقع التعرض اليه في إطار الإشارة إلى مؤتمر السلم بباريس1919 كما أن مبادئ الرئيس ويلسن كانت تتعارض مع المصالح الاوروبية ولم يقع القبول بها و عاد ويلسن بعد مدة إلى بلاده خائبا وبالتالي الاصح هو الحديث عن اخفاق المبادئ الويلسنية وفشل السياسة الأمريكية خاصة بعد عدم انخراطها في “جمعية الامم” رغم أنها من دعت إلى تأسيسها والتزامها سياسة الانعزالية والحياد وعدم التدخل في الشؤون الاوروبية إلى حدود سنة 1941

شعبة الآداب

احتوى موضوع الاختبار في مادة التاريخ مقالين : تناول الأول السياسة الاستعمارية الفرنسية بين 1934 و 1938 ورد فعل الحزب الدستوري الجديد عليها وهذا المقال ينطوي على عدة هنات ويطرح عدة مشكلات من أبرزها أنه يتعلق بجزئية من درس الثلاثينات وهو أيضا أقرب إلى فرض مراقبة خلال السنة الدراسية منه إلى اختبار تأليفي في امتحان وطني مرموق مثل امتحان البكالوريا يستهدف قدرة المترشح على استحضار معارف متعددة واشكاليات متنوعة والربط والتأليف بينها ثم إن المقال يركز في المعطى على اعتبار ان رد الفعل هو سمة النشاط الوطني والاستفزاز هو سمة السياسة الاستعمار ية الفرنسية وهذا الأمر سابق لسنة 1934 باعتباره بدأ منذ بداية الثلاثينيات مع المقيم العام “منصرون” وإصدار الأوامر الزجرية سنة1933 وحتى قبل ذلك في فترة العشرينيات كما أن التحقيب في المقال التاريخي (1934-1938) يجب أن يعتمد على مرجعية المعرفة المدرسية ولا يكون مبتكرا الا بناء على وثيقة مثل ماهو الشأن في دراسة الوثيقة والوثائق التاريخية .

لذلك كان من الأجدى والاسلم للتلميذ في هذا المقال تبويب المعرفة المطلوبة تبويبا معرفيا علميا محوريا وليس تبويبها حسب تحقيب زمني تاريخي يحدث ارباكا وخلطا في المعارف لدى المترشح ويجعله منذ البداية لا ينجح في المعالجة الجيدة لنص الموضوع إضافة إلى بعض المسائل غير الدقيقة فسياسة المرونة الواردة في مقياس الإصلاح لم تبدأ مع وصول حكومة الجبهة الشعبيةللحكم بفرنسا في جوان 1936 وإنما بدأت مع تعيين المقيم العام “ارمان قيون”في افريل 1936قبل وصول الجبهة الشعبية إلى السلطةوبناء عليه فإن مثل هذا الارتجال واللبس والضبابية وعدم التمكن من المعرفة التاريخية يجعل مثل هذه الصيغ الواردة في اختبارات مادة التاريخ في امتحان البكالوريا طرحا واصلاحا كل سنة لا معنى لها ومعيبة لمادة التاريخ والجغرافيا التي أصبحت في مهب الريح باعتبار عزوف التلاميذ عنها نتيجة الاعداد الضعيفة جدا كل سنة فهل من أذان صاغية لدى من يهمه الامر؟

مواضيع ذات صلة