
من يدفع بالبلاد إلى لغة الدم ؟ بقلم أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي.
ما حدث في الملاعب الرياضية هذه الأسابيع من عنف غير مسبوق و ما حصل من حرائق متنقلة و ما تعرض له المواطن من احتكار و ندرة مواد التموين و ما يلوكه السيد الرئيس صباحا مساء و يوم الأحد من خطاب التخوين و الاتهام و ما يصدر عن حركة النهضة و المؤلفة قلوبهم معها ليست أحداثا عفوية أو لا رابط بينها ، بالعكس كل ما حدث مدبّر بليل و لكل من الفاعلين و المتهمين و موجهي الاتهامات غرض و مبتغى يبحث عن الوصول إليه حتى و لو أحرق الزرع و طمس الحقيقة و بخس المواطن حقه في الحياة . لا بد أن نقف اليوم و نتساءل عن الجهة أو الجهات المحرضة التي لا يهمها أن تدفع بأبنائنا إلى مواجهات عنيفة مثلما حصل في نهائي كرة اليد منذ أيام ، بالتأكيد هناك غضب شبابي على سياسة الدولة و عدم قدرتها البيّنة على معالجة و مواجهة الوضع و هذا حقهم و نكاد نجزم أنه لا أحد منهم يريد مواجهة الشرطة بالعنف لذلك نسأل و نتساءل عن الجهة اللئيمة المتخفية التي تريد أن تدفع بهؤلاء الشباب لمثل تلك المواجهات العنيفة و تدفع بالبلاد قصدا إلى أن تصبح ساحة للعنف و العنف البوليسي المضاد .
نحن على علم بأن خيار العنف و القتل و الإرهاب ليس عنصرا مربحا في الفعل السياسي و هو تجارة خاسرة في جميع الأحوال طالما ظلّ التحريض و سفك الدماء هو العملة المتداولة في أيادي و أرصدة هؤلاء السفّاكين أصحاب الضمائر المعطوبة أو المعطبّة الذين يبيعون و يشترون في الأحزان و الفواجع مستعملين همجية و شريعة الغاب . بالطبع ليس هناك عاقل أو حرّ يقبل أو يرضى باستخدام العنف في الصراع السياسي و لا مبرراته أو دوافعه المشبوهة مهما كانت الحجة لكن و للأسف و رغم هذه الحرمة الدينية التي تقول أن الدين ينهى عن العنف و الفحشاء و البغي فقد ظلّ تجار السياسة و الطامعين في الكراسي الهزّازة يستثمرون في لغة و لعبة العنف و التكفير و التحريض و تمويل العقول الخاوية التي تنزع إلى ممارسة العنف . من القاتل أو المحرّض أو الممول أو المخطط لانتشار نار العنف ؟ لا أحد يعرف الجواب بالتدقيق خاصة فى ظل حرب تبادل الاتهامات المشتعلة بلا هوادة بين رأس النظام الفاقد للصواب و معارضيه المتشرذمين إلى ملل و نحل متنافرة .
تشير سلطة الرئيس قيس سعيّد إلى وجود طرف خفي بين المتظاهرين هو من يرتكب جرائم العنف كما تشير نفس السلطة إلى أن هذا الطرف هو من أشهر عليها سيف الاحتكار ليدفع المواطن لإسقاطها بل هو نفس الطرف الممعن في التطرف الذي أوغل صدور بعض المتأزمين للقيام بعمليات حرق متنقلة لكن نفس هذه السلطة تعجز عن تقديم الأدلة و البراهين القاطعة و تكتفي بما تسميه ” إجراء تحقيقات” ثبت ميوعتها و عدم جديتها في ملفات سابقة كثيرة الأمر الذي دفع بعض العقلاء إلى استنتاج مثير يتهم نفس السلطة بكونها شريك في مؤامرة الحثّ على الفوضى أو التساهل مع مرتكبي جرائم الحرق و العنف . في كل الأحوال نكرر القول بأن استخدام لغة العنف و الدم و الاحتكار و الحرق فى السياسة يظل ورقة محروقة لا طائل منه و على سلطة رئيس الشرعية المشكوك فيها أن تبذل جهودا جدية مضاعفة لكشف المستور .