
ميزان الإنسان بين العجز والقدرة…اشرف المذيوب
الإنسان لا يُقاس بما يملكه من مال أو بما يرفعه من شعارات، بل يُقاس بما يكشفه الزمن حين يضعه في امتحانين متناقضين: امتحان العجز و امتحان القدرة.
حين لا تملك شيئًا، تصبح الحياة مرآة لصبرك. هناك، حيث تُسلب منك الخيارات، يظهر معدنك الحقيقي: هل تصبر وتتماسك وتبقى وفيًّا لقيمك، أم تسقط في هاوية اليأس والغلّ؟ العجز ليس ضعفًا، بل اختبار لقدرتك على التحمّل، اختبار لمدى إيمانك بأن الغد قد يحمل ما حرمت منه اليوم. من لا يملك شيئًا ثم يحافظ على نقاء قلبه، يثبت أنه أغنى من كل ثروة.
أما حين تملك كل شيء، حين تُعطى السلطة والجاه والمال، تبدأ رحلة أخرى. هنا يظهر الوجه الحقيقي للأخلاق. هل تكون رحيمًا متواضعًا، أم متجبرًا متغطرسًا؟ الملك ليس في الكرسي، بل في الكيفية التي تجلس بها عليه. الثروة ليست في الذهب، بل في قدرتك على أن تعطيه دون أن تستعبدك بريقه.
في النهاية، شخصية الإنسان تُرسم بين خطين:
الصبر عند العجز: لأن من يصبر وهو فارغ اليدين يثبت أنه ممتلئ الروح.
الأخلاق عند القدرة: لأن من يتواضع وهو في القمة يثبت أنه إنسان بحق.
وبين العجز والقدرة، يتضح أن الإنسان الحقيقي ليس ذاك الذي يملك الدنيا، ولا ذاك الذي فقدها، بل ذاك الذي يظل وفيًّا لنفسه وقيمه في الحالتين.
فليكن هذا ميزاننا:
لا تُغريْك السلطة حتى تفسد قلبك.
ولا يُهزمك الفقر حتى يكسر روحك.
فالزمن لن يسألنا كم امتلكنا، بل كيف كنا عندما لم نملك شيئًا… وكيف كنا عندما ملكنا كل شيء.