مُؤسسات عمومية في عداد الأموات….بقلم حسُونة الجمعاوي
هل يمكن إحياء الميت؟ طبعا لا لأنه لا يحيى ويميت الا الله عز وجل.
بعض مؤسساتنا الوطنية أصبحت حسب رأيي في عداد الأموات وأصبحت عبءا على الدولة لان إعادة إحياءها يكلف البلاد أموالا طائلة ومشاكل اجتماعية كبيرة.
أذكر شركة الفولاذ وشركة عجين الحلفاء والورق اللتان فقدا موقعهما في الداخل والخارج لعدة أسباب:
فيما يتعلق بشركة القصرين فإن تدهور الغطاء الغابي من الحلفاء وعزوف من كانوا يجمعونها في الجبال إلى جانب تقنيات الإنتاج بهذه الشركة التي أكل عليها الدهر وشرب بما في ذلك معدات الإنتاج ودون اعتبار الأخطار الكبيرة التي تسببها الشركة على البيئة وعلى صحة الانسان والحيوان. هذا دون اعتبار العدد الكبير للعمال والإطارات الزائدة عن الحاجة.
أما من حيث الترويج فإن عجين الحلفاء لم يعد مرغوب فيه في السوق العالمية لصنع الورق بسبب تطور تقنيات إنتاج “عجين اللوح” (pâte de bois) بكلفة اقل بكثير من عجين الحلفاء علما وأن الشركة تُصنِّعُ الورق من عجين اللوح المورد منذ زمان وقد فقدت معاملات مزوديها الاجانب بهذه المادة بعد أن بقيت متوقفة عن النشاط خلال السنوات الماضية وعجزت عن الإيفاء بوعودها.
اما فيما يخص شركة الفولاذ فإن صبغتها العمومية جعلتها تنتج بكلفة تفوق بكثير القطاع الخاص أمام ارتفاع أسعار الحديد الخام بالسوق العالمية وعدم قدرة الشركة على التزود من سوق الخردة المحلي والخارجي أمام المنافسة الشرسة التي أصبح مستحيل مجابهتها. هذا إلى جانب تدهور معدات الإنتاج والعدد المشط للعمال والإطارات الزائدة عن الحاجة.
هناك أمر سيكون كارثة على المؤسسة سببه التسرع في اخذ القرارات سواء من طرف إدارة الشركة أو من العدالة وإلا كيف يقع إيقاف 23 موظفا بالشركة ثم يطلق سراحهم فيما بعد إثر الحادثة الأخيرة بالشركة. هذا القرار سيكون له عواقب ثقيلة على الوضع الاجتماعي الداخلي وخاصة عزوف مزودي الشركة الأجانب خوفا من الانعكاسات السلبية. علما وأن المزود الأجنبي سيفرض قيودا واسعارا لا تقدر الشركة على تلبيتها.
ولذلك وجب تغيير صبغة هذين الشركتين و/أو تغيير تقنيات الإنتاج وكذلك الذهاب إلى التخصص في بعض الأمور الأكثر ربح والاقل ضررا على البيئة.