نجيبة المعالج دربال تكتب عن المُفلس يوم القيامة
ديننا وحدة متماسكة لا تتجزأ فهو إيمان بالله واليوم الآخر، وهو صوم، وصلاة، وحج، وزكاة، وصدق، وإحسان وطاعة، فمن عمل بالدين عمل بالكل وآمن بالكل وأطاع أحكام الدين وأوامره وترسّم خطى الإسلام، وسار عليها لا يفرّط في شيء ممّا يأمره به ربُّه العظيم ونبيُّه الكريم،لذا إذا صُمتم فكمّلوا تقواكم بالصلاة، ولا تجعلوا الدين أجزاء وأوصالا ، وإذا صلّيتم وأنتم مالكون النصاب فزكّوا، وحجّوا ليكتمل الإيمان ويتم الأجر والثواب، وإلا كنتم كالمُفلسين الذين ليس لهم نصيب مما كسبوا من أعمالهم الصالحة، إذ أنهم سيخسرونها ثم يطرحونها في النار، وقد ورد ذكرهم في هذه القصّة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: “أتدرون ما المُفلس؟ قالوا: المفلس فينا يا رسول الله هو من لا دِرهم له ولا متاع. فقال: إن المُفلس من أمّـتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا أو سفك دم هذا أو ضرب هذا فيُعْطَى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيتْ حسناتُه قبل أن يقضي ما عليه أُخذَ من خطاياهم فطُرحت عليه ثم طرح في النار” رواه مسلم ، والحق أن هؤلاء لو كانت صلاتهم وزكاتهم وصيامهم قد مازجت أرواحهم وقلوبهم لنهتهم عن اقتراف الآثام، وباعدت بينهم وبين الاعتداء على الناس بغير حق. فمن شأن الصلاة أن تنهي عن الفحشاء والمنكر، كما أن الزكاة تُقوّي الرابطة بين الناس وتنشر بينهم الرّخاء والحبّ والوئام. أما الصّيام فحدّث عن فوائده الروحيّة والصّحية والاجتماعية ولا حرج، فرسولنا صلّى الله عليه وسلّم لم يترك طريقا من طرق الخير إلا دلّنا عليه ولم يترك سبيلا من سبل الشرّ إلا حذّرنا منه، لكن – ومع الأسف – كم من أناس ملكوا الدنيا وكدّسوا الثروات وعاشوا في هذه الحياة مترفين ولكنّهم تُعساء يوم يلقون الله لأنّهم أناس مفلِسون، قد ذهبت حسناتهم إلى مظلومين اعتدوا عليهم وشتموهم وقذفوهم وأكلوا أموالهم وربّما سفكوا دماءهم ونحوها وهذا – أعوذ بالله – مبعث للندم والحسرة، حيث يجمع الإنسان الحسنات ثم يأتي يوم القيامة فلا يبقى له إلا سيّئات خصومه في الدنيا الذين اعتدى عليهم بطريقة أو بأخرى فيأخذون من حسناته حتى يبقى صفر اليدين. فعلينا إسوة بنبيّنا صلّى الله عليه وسلّم أن نحافظ على حسناتنا، ونعظّ عليها بالنواجذ حتّى لا تضيع من بين أيدينا بمثل تلك الأفعال المذكورة في حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن المُفلس.
اللّهم جنّبنا السوء والفحشاء واجعلنا من عبادك الصالحين المتقين ويوم نلقاك غير مُفلسين يا ربّ العرش العظيم وإنّك على ما تشاء قدير وأن تمنحنا كمال الإيمان واليقين واجعلنا من الذاكرين والخاشعين والصابرين والعافِين والمنفقين والغانمين يا ربّ العالمين واجعل خاتمة رمضان مغفرة لنا و لا تجعلنا من الخاسرين و احفظ بلادنا و بلاد المسلمين من هذا الوباء امين يا رب العالمين كل عام و انتم بخير ، مع تحيات نجيبة المعالج دربال